وبين اللغز: إن الكلام إذا دل على اسم شيء من الأشياء بذكر صفات له تميزه عما عداه كان ذلك لغزًا، وإذا دل على اسم خاص بملاحظة كونه لفظًا بدلالة مرموزه سمي ذلك معمى؛ فالكلام الدال على بعض الأسماء يكون معنى من حيث إن مدلوله اسم من الأسماء بملاحظة الرمز على حروفه، ولغزًا من حيث إن مدلوله ذات من الذوات بملاحظة أوصافها؛ فعلى هذا يكون قول القائل في كمون:
يا أيها العطار أعرب لنا ... عن اسم شيء قل في سومكا
تنظره بالعين في يقظة ... كما ترى بالقلب في نومكا
يصلح أن يكون لغزًا بملاحظة دلالته على صفات الكمون، ويصلح أن يكون في اصطلاحهم معمى باعتبار دلالته على اسمه بطريق الرمز ا. هـ.
ولاستخراج المعمى أعمال مدونة لا تتعلق بالجهة التاريخية منه ولا بالجهة العلمية، ولكنها تتعلق بالجهة العملية، وإذا أخذنا في بسطها احتجنا أن نأتي بتأليف جديد في هذا الفن؛ وهو ما لا يتسع له الغرض إلا إذا أحفينا في الطلب، ولسنا نستطيع أن نحمل القلم على هذه السنة في سائر الفنون من علم الأدب.