وأبو المطرف المخزومي البلنسي وهو خزانة من خزائن العلوم، كان إمامًا في الفقه عالمًا بالمعقولات والنحو واللغة والأدب والطب، متبحرًا في التاريخ والأخبار، بصيرًا بالحديث، راوية مكثرًا حجة، ناظمًا ناثرًا، يعدونه ثاني بديع الزمان في الكتابة، وتوفي سنة 659هـ.
وعبد الله بن أبي عامر الكاتب الشاعر الأديب النحوي اللغوي الفقيه المشارك في العلوم، وقد توفي سنة 666هـ.
وابن الدباغ الأشبيلي؛ وهو على انفراده في ذلك العصر يحفظ مذهب مالك؛ كان عالمًا بالنحو واللغة كاتبًا شاعرًا مؤرخًا، توفي سنة 668هـ.
وأبو الحسن بن عصفور، وهو وإن كان لم يكن عنده ما يؤخذ عنه غير النحو إلا أنه كان فيه كوكب سمائه وحامل لوائه، ولا يزال اسمه خالدًا في كتب هذا الفن، توفي سنة 669هـ.
وكان خاتمة أدباء هذا العصر حازم بن محمد القرطبي، شيخ البلاغة والأدب، وأوحد زمانه في النظم والنثر والنحو واللغة والعروض والبيان، لم يجمع أحد من علم اللسان ما جمع، ولا أحكم من معاقد البيان ما أحكم، وكانت له يد في العقليات؛ وذكروا أنه روى عن جماعة يقاربون ألفًا، بين أديب وعالم وحكيم، وقد حوى جملة التاريخ في هذه المائة؛ لأنه ولد سنة 608هـ وتوفي سنة 684هـ.
نكت الأندلسيين:
وكان في هذه المائة الفقيه أبو الحجاج يوسف بن محمد البياسي المؤرخ الشاعر الأديب، ولم نقف على سنة وفاته، وقد عني أتم العناية بفرع لطيف من العلم هو أدب التاريخ؛ فكان يحفظ نكت الأندلسيين قديمًا وحديثًا إلى زمنه، ذاكرا لفكاهاتهم؛ وهم أكثر الناس دعابة وأملحهم نادرة، خرجوا في ذلك صنائع إقليمهم فكأنهم أزهار طبيعتها الحساسة، تقابل أزهار الطبيعة الساكنة.
المائة الثامنة:
وهي بقية مجد الأندلس؛ لأن القرن التساع كان حشرجة ونزعًا، وهذه المائة شحيحة بالأئمة عقيمة بالأفراد، وقد أخذنا من فحولها ثلاثة غير من ذكرناهم من قبل في أدبائها، وهم:
محمد بن علي بن هانئ اللخمي، كان أديبًا إمامًا في العربية لا يشق غباره في استحضار الحجج، وهو صاحب كتاب "الغرة الطالعة في شعراء المائة السابعة"، وتوفي سنة 733هـ.
وأثير الدين أبو حيان الأندلسي الغرناطي نحوي عصره، ولغويه ومفسره ومحدثه ومقرئه ومؤرخه وأديبه، وكان الإمام المطلق في النحو والتصريف، خدم هذا الفن أكثر عمره حتى صار لا يدركه أحد في أقطار الأرض، وتوفي سنة 745هـ.
ومحمد بن علي المعروف بابن الفخار كان سيبويه عصره، وعده لسان الدين في "الإحاطة" آخر الطبقة من أهل هذا الفن، وقال فيه: إنه متبحر الحفظ يتفجر بالعربية تفجر البحر، قد خالطت لحمه ودمه، لا يشكل عليه منها مشكل، ولا يعوزه توجيه، ولا تشذ عنه حجة ... وقل في الأندلس من