ومن علماء اللغة من يرتبها على وجه آخر، كالخليل بن أحمد1؛ فإنه اعتبر ترتيبها على مخارجها الطبيعية ذاهبًا من الصدر إلى الشفتين، وبنى على هذا الوضع كتاب "العين" الذي هو أول كتاب جمع اللغة فجعلها هكذا:

ع ح هـ خ غ ق ك ج ش ض ص س ز ط

د ت ظ ذ ث ر ل ن ف ب م وا ي

وقد خالفه بعضهم، ولا نرى فائدة في استقصاء أقوالهم المختلفة.

وهذه الحروف 29 حرفًا بإضافة الهمزة -وهو رأي سيبويه وعليه المحققون، وكان أبو العباس ثعلب لا يعدها منها- وتسمى حروفًا أصلية، ولها أربع حركات أصلية أيضًا، وهي الفتحة والضمة والكسرة والسكون2.

وهذه الحركات قديمة في اللغة؛ لأنها هيئات المنطق, ولكنها دلائلها الخطبة "-َ ُ- ِ-ْ" لم تكن عندهم، بل اخترع أصولها السريان حينما تنصروا وأرادوا ضبط قراءتهم في الأناجيل؛ فوضعوا علامات صغيرة تدل على الحركات، وهي نقطة أو خط صغير فوق الحرف أو تحته أو بين يديه، ولا يزال أثر هذه الطريقة في المصاحف المخطوطة في القرن الثاني للهجرة؛ فقد كانت تكتب من غير نقط إلا للشكل؛ فالنقطة فوق الحرف علامة الفتحة، وتحت علامة الكسرة، وإلى جانبه علامة الضم، وأول من وضع هذه الطريقة للعرب أبو الأسود الدؤلي؛ ولذلك تأريخ يأتي في محله.

والمراد بالحروف والحركات "الأصلية" التي يستوي في الإتيان بها الأقحاح من العرب الذين لم تخلط لغتهم ولا ورثوها مخلوطة؛ فإن لمن عداهم حروفًا أخرى تسمى متفرعة.

الحروف المتفرعة:

وهي حروف من التسعة والعشرين حرفًا تتميز بإشراب الحرف3 صوتًا من غيره، وهي قسمان: مستحسنة، ومستهجنة؛ ونحن نذكرها في هذا الفصل مقرونة بما يناسبها من لغات العرب، تحقيقًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015