ليس في التاريخ العربي كله من جمعت صفاته وأحصيت شمائله وتواتر النقل بذلك جميعه من طرق مختلفة على توثيق إسنادها غير النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أصل لا يعدل به شيء في بيان حقائق الأخلاق، والاستدلال على قوة الملكات، واستخرج الصفات النفسية التي حصل من مجموعها أسلوب الكلام على هيئته وجهته، وانفراد بما عسى أن يكون منفردًا به، أو شارك فيما عسى أن يكون مشاركًا فيه؛ وعلى هذه الجهة نأتي بطرف من صفته صلى الله عليه وسلم.
فعن الحسين بن علي "رضي الله عنهما" قال: سألت هند بن أبي هالة، عن حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان وصافًا، وأنا أرجو أن يصف لي منها شيئًا أتعلق به، فقال:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخمًا مفخمًا، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع1 وأقصر من المشذب2، عظيم الهامة، رجل الشعر3 إن انفرقت عقيقته فرق4 وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنبه إذا هو وفره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب سوابغ من غير قرن5 بينها عرق يدره الغضب؛ أقنى العرنين6 له نور يعلوه7 ويحسبه من لم يتأمله أشم؛ كث اللحية أدعج8، سهل الخدين ضليع الفم، أشنب، مفلج الأسنان9 دقيق المسربة10، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة معتدل الخلق، بادنًا متماسكًا11 سواء البطن والصدر12 بعيد ما بين المنكبين ضخم الكراديس13