وقد قيل إن هذا الرجل عارض القرآن بكتاب سماه "التاج" ولم نقف على شيء منه في كتاب من الكتب، مع أن أبا الفداء نقل في تاريخه أن العلماء قد أجابوا على كل ما قاله من معارضة القرآن وغيرها من "كفرياته" وبينوا وجه فساد ذلك بالحجج البالغة, والذي نظنه أن كتاب ابن الراوندي إنما هو في الاعتراض على القرآن ومعارضته على هذا الوجه من المناقضة، كما صنع في سائر كتبه؛ كالفريد، والزمردة، وقضيب الذهب، والمرجان1 فإنها فيما وصفت به ظلمات بعضها فوق بعض، وكلها اعتراض على الشريعة والنبوة بمثل تلك السخافة التي لا يبعث عليها عقل صحيح، ولا يقيم وزنها علم راجح2.
وقد ذكر المعري هذه الكتب في "رسالة الغفران"، ووفى الرجل حسابه عليها، وبصق على كتبه مقدار دلو من السجع!. وناهيك من سجع المعري الذي يلعن باللفظ قبل أن يلعن بالمعنى!.
ومما قاله في "التاج"، وأما تاجه فلا يصلح أن يكون فعلًا, وهل تاجه إلا كما قالت الكاهنة: أف وتف3 وجورب وخف. قيل: وما جورب وخف؟ قالت: واديان بجهنم!.
وهذا يشير إلى أن الكتاب كذب واختلاق وصرف لحقائق الكلام كما فعلت الكاهنة؛ وإلا فلو كانت معارضته لنقض التحدي وقد زعم أنه جاء بمثله لما خلت كتب التاريخ والأدب والكلام من