ثم قتيبة بن مسلم، وهو يمتاز بمعرفة أحوال الشعراء وأخبارهم، والبصر بأشعارهم ومذاهبهم فيها؛ والنضر بن شميل الحميري، وخالد بن سلمة المخزومي، وكانا أعلم أهل زمانهما بأنساب العرب ومغامزها، وهما اللذان وضعا كتاب "المثالب" كما مر في موضعه، والزهري عالم الشام والحجاز، وقد تقدم الكلام عليه, ومن هذه الطبقة عبد الرحمن بن هرمر بن الأعرج المتوفى سنة 117هـ، وهو أحد من ينسب إليه وضع العربية، وقد امتاز من سائر طبقته بعلم أنساب قريش وأصولهم، والتغلغل في ذلك إلى أعماق بعيدة1؛ وروي أن مالكًا بن أنس رضي الله عنه كان يختلف إليه في هذا العلم، وكان يرى أنه علم لم ينته للناس.

وأما الطبقة الثالثة فهي التي كانت في القرن الثاني؛ وهي مصدر الرواية العامة في الإسلام؛ لأن شروط الرواية تعرف إلا في عهدها؛ وتمتاز هذه الطبقة بغلبة الأخبار عليها، وبكثرة الوضع على العرب في المناقب والمثالب، وبانتحال بعضهم مذاهب من الفتنة من الدين؛ وقل منهم من لم يكن أكبر علمه الأخبار؛ ولهذا نذكرهم فيما يلي، ولم يعد لعلم الأنساب من بعدهم الشأن الذي كان له، وإنما صار يروى على أنه بعض علوم العرب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015