حارب بعضا من القبط، وغلب على أسافل مصر ونزل الإسكندرية وبنى بها حينئذ مدينة مذكورة في التوراة يقال لها أون، ثم هلك في حروبهم، وجمع القبط إخوتهم من البربر والسودان وأخرجوا العرب من ملك مصر.
ثم لما اتصل ملك عاد وعظم طغيانهم وعتوّهم انتحلوا عبادة الأصنام والأوثان من الحجارة والخشب ويقال: انّ ذلك لانتحالهم دين الصابئة، فبعث الله إليهم أخاهم هودا، وهو فيما ذكر المسعودي والطبريّ هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد، وفي كتاب البدء لابن حبيب رباح بن حرب بن عاد، وبعضهم يقول هود بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ. فوعظهم وكان ملوكهم لعهده: الخلجان، ولقمان بن عاد بن عاديا بن صدا بن عادفا، آمن به لقمان وقومه، وكفر الخلجان، وامتنع هود بعشيرته من عاد. وحبس الله عنهم المطر ثلاث سنين وبعثوا الوفود من قومهم إلى مكة يستسقون لهم، كان في الوفد على ما قاله الطبري نعيم بن هزال بن هزيل بن عبيل بن صدا بن عاد. وقيل ابن عنز منهم، وحلقمة بن الخسري، ومرثد بن سعد بن عنز.
وكان ممن آمن يهود واتبعه وكان بمكة من عاد هؤلاء: معاوية بن بكر وقومه، وكانت هزيلة أخت معاوية عند نعيم بن هزال وولدت له عبيدا وعمرا وعامرا، فلما وصل الوفد الى مكة مرّوا بمعاوية بن بكر وابنه بكر ونزل الوفد عليه. ثم تبعهم لقمان بن عاد، وأقاموا عند معاوية وقومه شهرا لما بينهم من الخئولة، ومكثوا يشربون وتغنيهم الجرادتان قينتان لمعاوية بن بكر وابنه بكر. ثم غنتاهم شعرا تذكرهم بأمرهم فانبعثوا ومضوا إلى الاستسقاء، وتخلف عنهم لقمان بن عاد ومرثد بن سعد، فدعوا في استسقائهم وتضرعوا وأنشأ الله السحب ونودي بهم ان اختاروا فاختاروا سوداء من السحب، وأنذروا بعذابها فمضت إلى قومهم وهلكوا كما قصّه القرآن.
وفي خبر الطبري أن الوفد لما رجعوا إلى معاوية بن بكر، لقيهم خبر مهلك قومهم هنالك، وأن هودا بساحل البحر، وأن الخلجان ملكهم قد هلك بالريح فيمن هلك، وأن الريح كانت تدخل تحت الرجل فتحمله حتى تقطعوا في الجبال وتقلع الشجر وترفع البيوت، حتى هلكوا أجمعون انتهى كلام الطبري.
ثم ملك لقمان ورهطه من قوم عاد واتصل لهم الملك فيما يقال ألف سنة أو يزيد وانتقل ملكه الى ولده لقمان، وذكر البخاري في تاريخه أن الّذي كان يأخذ كل سفينة غصبا هو هدد بن بدد بن الخلجان بن عاد بن رقيم بن عابر بن عاد الأكبر، وأن المدينة