وحرّفوه بالتأويل ويشهد لذلك قوله تعالى: «وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ الله 5: 43» ولو بدّلوا من التوراة ألفاظها لم يكن عندهم التوراة التي فيها حكم الله وما وقع في القرآن الكريم من نسبة التحريف والتبديل فيها إليهم فإنّما المعنيّ به التأويل اللَّهمّ إلّا أن يطرقها التبديل في الكلمات على طريق الغفلة وعدم الضبط. وتحريف من لا يحسن الكتابة بنسخها فذلك يمكن في العادة لا سيما وملكهم قد ذهب، وجماعتهم انتشرت في الآفاق واستوى الضابط منهم وغير الضابط، والعالم والجاهل، ولم يكن وازع يحفظ لهم ذلك لذهاب القدرة بذهاب الملك فتطرّق من أجل ذلك الى صحف التوراة في الغالب تبديل وتحريف غير متعمد من علمائهم وأحبارهم. ويمكن مع ذلك الوقوف على الصحيح منها إذ تحرّى القاصد لذلك بالبحث عنه.

ثم اتفق النسابون ونقلت المفسرين على أنّ ولد نوح الذين تفرّعت الأمم منهم ثلاثة:

سام وحام ويافث وقد وقع ذكرهم في التوراة، وأنّ يافث أكبرهم وحام الأصغر وسام الأوسط، وخرّج الطبري في الباب أحاديث مرفوعة بمثل ذلك وأنّ سام أبو العرب، ويافث أبو الروم، وحام أبو الحبش والزنج وفي بعضها السودان. وفي بعضها سام أبو العرب وفارس والروم، ويافث أبو التّرك والصقالبة ويأجوج ومأجوج، وحام أبو القبط والسودان والبربر، ومثله عن ابن المسيّب ووهب بن منبّه. وهذه الأحاديث وإن صحّت فإنّما الأنساب فيها مجملة ولا بدّ من نقل ما ذكره المحققون في تفريع أنساب الأمم من هؤلاء الثلاثة واحدا واحدا، وكذلك نقل الطبريّ إنه كان لنوح ولد اسمه كنعان وهو الّذي هلك في الطوفان، قال وتسميه العرب يام، وآخر مات قبل الطوفان اسمه عابر. وقال هشام كان له ولد اسمه بوناطر والعقب إنّما هو من الثلاثة على ما أجمع عليه الناس وصحت به الأخبار، فأمّا سام فمن ولده العرب على اختلافهم وإبراهيم وبنوه صلوات الله عليهم باتفاق النسابين.

والخلاف بينهم إنّما هو في تفاريع ذلك أو في نسب غير العرب الى سام.

فالذي نقله ابن إسحاق: أنّ سام بن نوح كان له من الولد خمسة وهم: أرفخشذ ولاوذ وإرم وأشوذ وغليم. وكذا وقع ذكر هذه الخمسة في التوراة وأنّ بني أشوذ هم أهل الموصل، وبني غليم أهل خوزستان ومنها الأهواز. ولم يذكر في التوراة ولد لاوذ. وقال ابن إسحاق: وكان للاوذ أربعة من الولد: وهم طسم وعمليق وجرجان وفارس قال: ومن العماليق أمّة جاسم فمنهم بنو لفّ وبنو هزّان وبنو مطر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015