تاريخ ابن خلدون (صفحة 4710)

آخرا في الدولة العباسيّة ببغداد، وأخذ التّجار في جلبهم إليه، فاشترى منهم أعدادا، وأقام لتربيتهم أساتيذ [1] معلمين لحرفة الجندية، من الثقافة والرّمي، بعد تعليم الآداب الدينية والخلقية إلى أن اجتمع له منهم عدد جم يناهز الألف، وكان مقيما بأحواز دمياط [2] في حماية البلاد من طوارق الفرنج المتغلّبين على حصنها دمياط. وكان أبوه قد اتخذ لنزله هنالك قلعة سمّاها المنصورة [3] ، وبها توفي رحمه الله، فكان نجم الدين نازلا في مدافعة ساكني دمياط من الفرنج، فأصابه هنالك حدث الموت، وكان ابنه المعظّم توران شاه نائبا في حصن كيفا [4] من ديار بكر وراء الفرات، فاجتمع الجند على بيعته، وبعثوا عنه، وانتظروا. وتقطّن الفرنج لشأنهم، فهجموا عليهم، واقتتلوا فنصر الله المسلمين، وأسر ملك الفرنج ريد إفرنس، فبعثوا به إلى مصر. وحبس بدار لقمان، إلى أن فادوه بدمياط، كما هو مذكور في أخبار بني أيوب. ونصّبوا- للملك، ولهذا اللقاء- زوجة الصالح أيّوب واسمها شجر الدرّ [5] ، فكانت تحكم بين الجند، وتكتب على المراسيم [6] ، وركبت يوم لقاء الفرنج، تحت الصّناجق [7] ، والجند محدقون بها، حتى أعزّ الله دينه، وأتمّ نصره. ثم وصل توران شاه المعظّم، فأقاموه في خطّة الملك مكان أبيه الصالح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015