ذلك اليوم هذه القصيدة امتدحه، وأذكّر سيره وفتوحاته، واعتذر عن انتحال الشعر واستعطفه بهدية الكتاب إليه فقلت:
هل غير بابك للغريب مؤمّل ... أو عن جنابك للاماني معدل
هي همّة بعثت إليك على النّوى ... عزما كما شحذا لحسام الصّيقل
متبوّأ الدنيا ومنتجع المنى ... والغيث حيث العارض المتهلل
حيث القصور الزاهرات منيفة ... تعنو لها زهر النجوم وتحفل [1]
حيث الخيام البيض ترفع للقرى ... قد فاح في أرجائهنّ المندل [2]
حيث الحمى للعزّ في ساحاته ... ظلّ أفاءته الوشيج الذبّل
حيث الرماح يكاد يورق عودها ... مما تعلّ من الدماء وتنهل
حيث الكرام ينوب عن نار القرى ... عرف الكباء بحيّهم والمندل
حيث الجياد أملن شجعان الوغى ... مما أطالوا في المنار وأوغلوا [3]
حيث الوجوه الغرّ قنعها الحيا ... والبشر في صفحاتها يتهلّل
حيث الملوك الصيد والنّفر الألى ... عزّ الجوار لديهم والمنزل
من شيعة المهديّ بل من شيعة ... التوحيد جاء به الكتاب مفصّل [4]
شادوا على التقوى مباني عزّهم ... للَّه ما شادوا بذاك وأثّلوا
بل شيعة الرحمن ألقى حبّهم ... في خلقه فسموا بذاك وفضّلوا
قوم أبو حفص أب لهم وما ... أدراك والفاروق جدّ أوّل [5]
نسب كما اضطردت أنابيب القنا ... وأتى على تقويمهنّ معدّل
سام على هام الزّمان كأنّه ... للفجر تاج بالبدور مكلّل