تاريخ ابن خلدون (صفحة 4652)

وكرّ [1] راجعا إلى دار الملك، وعسكر بكدية العرائس من فاس [2] وتوعّد ابن عمّه محمد بن عثمان فاعتذر بأنه امتثل وصيّته، فاستشاط وتهدّده واتسع الخرق بينهما، وارتحل محمد بن عثمان بسلطانه ومدده من عسكر الأندلس إلى أن احتل بجبل زرهون [3] المطل على مكناسة، فعسكر به، واشتملوا عليه، وزحف إليهم الوزير أبو بكر وصعد الجبل فقاتلوه وهزموه، ورجع إلى مكانه بظاهر دار الملك، وكان السلطان ابن الأحمر قد أوصى محمد بن عثمان بالاستعانة بالأمير عبد الرحمن والاعتضاد به، ومساهمته في جانب من أعمال المغرب يستبدّ به لنفسه، فراسله محمد ابن عثمان في ذلك، واستدعاه واستمدّه وكان ونزمار بن عريف وليّ سلفهم قد أظلم الجوّ بينه وبين الوزير أبي بكر، لأنّه سأله وهو يحاصر تازى في الصلح مع الأمير عبد الرحمن فامتنع، واتهمه بمداخلته والميل له، فاعتزم على التقبّض عليه، ودسّ إليه بعض عيونه، فركب الليل ولحق بأحياء الأحلاف من المعقل، وكانوا شيعة للأمير عبد الرحمن، ومعهم علي بن عمر الويغلاني كبير بني ورتاجن، كان انتقض على الوزير ابن غازي ولحق بالسوس [4] . ثم خاض القفر إلى هؤلاء الأحلاف فنزل بينهم مقيما لدعوة الأمير عبد الرحمن، فجاءهم ونزمار مفلتا من حبالة الوزير أبي بكر وحرّضهم على ما هم فيه، ثم بلغهم خبر السلطان أحمد بن أبي سالم ووزيره محمد ابن عثمان، وجاءهم وافد الأمير عبد الرحمن يستدعيهم. وخرج من تازي فلقيهم، ونزل بين أحيائهم، ورحلوا جميعا إلى إمداد السلطان أبي العبّاس حتى انتهوا إلى صفروي [5] . ثم اجتمعوا جميعا على وادي النجا، وتعاقدوا على شأنهم، وأصبحوا غدا على التعبية، كل من ناحيته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015