تاريخ ابن خلدون (صفحة 4638)

الّذي لا يدرك ساحله، ولا يبلغ الطّية [1] البعيدة راحله، إلى الوادي، وسمر النّوادي [2] ، وقرار دموع الغوادي [3] ، للتّجاسر على تخطّيه، عند تمطّيه [4] ، الجسر العادي، والوطن الّذي ليس من عمرو ولا زيد، والفرا الّذي في جوفه كلّ صيد [5] ، أقلّ كرسيّه خلافة الإسلام، وأغار بالرّصافة [6] والجسر دار السّلام [7] ، وما عسى أن تطنب في وصفه ألسنة الأقلام أو تعبّر به عن ذلك الكمال فنون الكلام.

فأعملنا إليها السّرى والسّير، وقدنا إليها الخيل قد عقد الله في نواصيها الخير [8] . ولما وقفنا بظاهرها المبهت المعجب، واصطففنا بخارجها المنبت المنجب، والقلوب تلتمس الإعانة من منعم مجزل، وتستنزل مدد الملائكة من منجد منزل، والرّكائب واقفة من خلفنا بمعزل، تتناشد في معاهد الإسلام:

«قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل [9]

برز من حاميتها المحامية، ووقود النّار الحامية، وبقية السّيف الوافرة على الحصاد النّامية، قطع الغمائم الهامية، وأمواج البحور الطّامية، واستجنّت [10] بظلال أبطال المجال، أعداد الرجال، الناشبة [11] والرامية، وتصدّى للنّزال، من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015