تاريخ ابن خلدون (صفحة 4589)

والأندلس اليوم شيخ غزاتها عبد الرحمن بن علي ابن السلطان أبي عليّ، بعد وفاة الشيخ أبي الحسن علي بن بدر الدين رحمه الله. وقد استقرّ بها بعد انصراف سيّدي الأمير المذكور، والوزير مسعود بن رحّو، وعمر بن عثمان بن سليمان.

والسلطان ملك النصارى بطرة قد عاد إلى ملكه بإشبيليّة، وأخوه مجلب عليه بقشتالة وقرطبة مخالفة عليه، قائمة بطائفة من كبار النصارى الخائفين على أنفسهم، داعين لأخيه، والمسلمون قد اغتنموا هبوب هذه الريح. وخرق الله لهم عوائد في باب الظهور والخير، لم تكن تخطر في الآمال. وقد تلقّب السلطان أيّده الله بعقب هذه المكنّفات بالغنيّ باللَّه وصدرت عنه مخاطبات بمجمل الفتوح ومفصلها يعظم الحرص على إيصالها إلى تلك الفضائل لو أمكن.

وأمّا ما يرجع إلى ما يتشوّف إليه ذلك الكمال من شغل الوقت، فصدرت تقاييده، وتفاصيل [1] يقال فيها بعد ما اعتملت تلك السيادة بالانصراف يا إبراهيم ولا إبراهيم اليوم.

منها أنّ كتابا رفع إلى السلطان في المحبّة [2] من تصنيف ابن أبي حجلة من المشارقة فعارضته، وجعلت الموضوع أشرف، وهو محبّة الله [3] ، فجاء كتابا ادّعى الأصحاب غرابته. وقد وجّه إلى الشرق وصحبته كتاب «تاريخ غرناطة» وغيره من تأليفي. وتعرّف تحبيسه بخانقاه سعيد السعداء من مصر، وانتال الناس عليه، وهو في لطافة الإعراض، متكلّف أغراض المشارقة من ملحه:

سلّمت لمصر في الهوى من بلد ... يهديه هواؤها لدى استنشاقه

من ينكر دعوتي فقل عني له ... تكفي امرأة العزيز من عشّاقه

والله يرزق الإعانة في انتساخه وتوجيهه. وصدر عني جزء سمّيته «الغيرة على أهل الحيرة» وجزء سمّيته «حمد الجمهور على السنن المشهور» . والإكباب على اختصار كتاب «التاج [4] » للجوهري وردّ حجمه إلى مقدار الخمس، مع حفظ ترتيبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015