عبثت به أيدي البلى وتردّدت ... في عطفها للدّهر أيّ خطوب
تبلى معاهدها وإنّ عهودها ... ليجرّها [1] وصفي وحسن نسيبي
وإذا الديار تعرّضت لمتيّم ... هزّت لذكراها أولى التشبيب [2]
إيه على الصّبر الجميل فإنّه ... ألوى بدين فؤادي المنهوب
لم أنسها والدهر يثني صرفه ... ويغضّ طرفي حاسد ورقيب
والدار مونقة بما لبست من ... الأيام تجلوها بكلّ قشيب [3]
يا سائق الأظعان يعتسف الفلا ... بتواصل الأسناد والتأويب [4]
متهافتا عن رحل كلّ مدلّل ... نشوان من آن ومس لغوب [5]
تتجاذب النفحات فضل ردائه ... في ملتقاها من صبا وجنوب
إن هام من ظمأ الصّبابة ضحبه ... نهلوا بمورد دمعه المسكوب
إن تعترض مسراهم سدف الدّجى ... صدعوا الدّجى بغرامة المشبوب
في كلّ شعب منية. من دونها ... هجر الأماني أو لقاء شعوب
هلّا عطفت صدورهنّ إلى التي ... فيها لغانية [6] أعين وقلوب
فتؤمّ من أكناف يثرب مأمنا ... يكفيك ما تخشاه من تثريب
حيث النبوّة آيها مجلوّة ... تتلومن الآثار كل غريب
سر عجيب ليس يحجبه الثرى [7] ... ما كان سرّ الله بالمحجوب
ومنها بعد تعديد معجزاته صلى الله عليه وسلم والإطناب في مدحه:
إني دعوتك واثقا بإجابتي ... يا خير مدعوّ وخير مجيب
قصّرت في مدحي فإن يك طيّبا ... فبما لذكرك من أريج الطّيب
ماذا عسى يبغي المطيل وقد حوى ... في مدحك القرآن كلّ مطيب [8]