تاريخ ابن خلدون (صفحة 4528)

(أمّا نشأتي) فإنّي ولدت بتونس في غرّة رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، وربّيت في حجر والدي رحمه الله إلى أن أيفعت وقرأت القرآن العظيم على الأستاذ أبي عبد الله محمد بن سعد بن نزال [1] الأنصاري، أصله من جالبة الأندلس من أعمال بلنسية، أخذ عن مشيخة بلنسية وأعمالها، وكان إماما في القراءات لا يلحق شأوه، وكان من أشهر شيوخه في القراءات السبع أبو العباس أحمد بن محمد بن البطوي [2] ومشيخته فيها، وأسانيده معروفة. وبعد أن استظهرت القرآن العظيم عن حفظي، قرأته عليه بالقراءات السبع المشهورة إفرادا وجمعا [3] في إحدى وعشرين ختمة، ثم جمعتها في ختمة واحدة أخرى ثم قرأت برواية يعقوب [4] ختمة واحدة جمعا بين الروايتين عنه، وعرضت عليه رحمه الله قصيدة الشاطبي [5] اللامية في القراءات والرائية في الرسم. وأخبرني بهما عن الأستاذ أبي عبد الله البطوي وغيره من شيوخه، وعرضت عليه كتاب التفسير لأحاديث الموطأ لابن عبد البرّ حذا به حذو كتابه التمهيد على الموطأ، مقتصرا على الأحاديث فقط.

ودرست عليه كتبا جمّة مثل كتاب التسهيل لابن مالك [6] ومختصر ابن الخطيب في الفقه [7] ولم أكملهما بالحفظ، وفي خلال ذلك تعلّمت صناعة العربية على والدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015