لأبي زيد منهما على غرناطة، ولأبي محمد عبد الله على مالقة. وفي سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة سطا بذرية [1] بني جامع وغرّبهم إلى ماردة [2] . وفي سنة خمس وسبعين وخمسمائة عقد لقائم بن محمد بن مردنيش على أسطوله وأغزاه مدينة الأشبونة، فغنم ورجع. وفيه كانت وفاة أخيه السيد الوزير أبي حفص بعد ما أبلى في الجهاد وبالغ في نكاية العدوّ. وقدم ابناه من الأندلس وأخبر الخليفة بانتقاض الطاغية، واعتزم على الجهاد وأخذ في استدعاء العرب من إفريقية والله تعالى أعلم.
كان عليّ بن المعزوّ يعرف بالطويل، من أعقاب بني الرند ملوك قفصة قد ثار سنة خمس وسبعين [3] وخمسمائة كما ذكرناه في أخبارهم. وبلغ الخليفة خبره فنهض إليها من مراكش، وسار إلى بجاية وبقي عنده يعلى بن المنتصر الّذي كان عبد المؤمن استنزله من قفصة أنه يواصل قريبه الثائر بها ويخاطب العرب، فتقبّض عليه، ووجدت المخاطبات عنده شاهدة بتلك السعاية واستصفى ما كان بيده، وارتحل إلى قفصة ونزلها. ووفدت عليه مشيخة العرب من رياح بالطاعة فقتلهم [4] ولم يزل محاصرا لقفصة إلى أن نزل على ابن المعز، وانكفأ راجعا إلى تونس. وأنفذ عساكر العرب إلى المغرب، وعقد على إفريقية والزاب للسيد أبي علي أخيه، وعلى بجاية للسيد أبي موسى وقفل إلى الحضرة والله تعالى أعلم.