إشبيليّة فأطاعه أهل طليطلة [1] وحصن القصر، واجتمع إليه سائر الثّوار وحاصروا إشبيليّة برّا وبحرا إلى أن افتتحوها في شعبان من سنة إحدى وأربعين وخمسمائة وفرّ الملثمون بها إلى قرمونة وقتل من أدرك منهم. وأتى القتل على عبد الله بن القاضي أبي بكر بن العربيّ في هيعة تلك الدخلة من غير قصد. وكتبوا بالفتح إلى عبد المؤمن بن عليّ. وقدم عليه وفودهم بمراكش يقدمهم القاضي أبو بكر فتقبّل طاعتهم وانصرفوا.
بالجوائز والأقطاعات لجميع الوفد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
وهلك القاضي أبو بكر في طريقه ودفن بمقبرة فاس. وكان عبد العزيز وعيسى أخوا المهدي من مشيخة العسكر بأشبيليّة ساء أثرهما بالبلد واستطالت أيديهما على أهله، واستباحوا الدماء والأموال. ثم اعتزما على الفتك بيوسف البطروجي صاحب لبلة فلحق ببلده وأخرج الموحّدين الذين بها، وحوّل الدعوة عنهم. وبعث إلى طليطلة وحصن القصر، ووصل يده بالملثّمين الذين كانوا بالعدوة وارتدّ ابن قيسي في مدينة شلف، وعلي بن عيسى بن ميمون بجزيرة قادس ومحمد بن الحجام بمدينة بطليوس وثبت أبو الغمر بن عزرون على طاعة الموحّدين بشريش [2] ورندة [3] وجهاتهما.
وتغلّب ابن غانية على الجزيرة الخضراء، وانتقض أهل سبتة كما ذكرناه، وضاقت أحوال الموحّدين بأشبيليّة، فخرج منها عيسى وعبد العزيز أخوا المهدي وابن عمهما يصليتن بمن كان معهم. ولحقوا بجبال بستر [4] وجاءهم أبو الغمر بن عزرون، واتصلت أيديهم على حصار الجزيرة حتى افتتحوها وقتلوا من كان بها من لمتونة، ولحق أخو المهدي بمراكش، وبعث عبد المؤمن على إشبيليّة يوسف بن سليمان في