تاريخ ابن خلدون (صفحة 3713)

مواطنهم من درن ليتميزوا عمن سواهم [1] ويذللوا من صعابهم. وفي عنفوان تلك الدولة على عهد علي بن يوسف منها نجم إمامهم العالم الشهير محمد بن تومرت [2] صاحب دولة الموحّدين المشتهر بالمهديّ، أصله من هرغة من بطون المصامدة الذين عددناهم يسمّى أبوه عبد الله وتومرت، وكان يلقّب في صغره أيضا أمغار، وهو محمد ابن عبد الله بن وجلّيد ابن بامصال [3] بن حمزة بن عيسى فيما ذكر ابن رشيق وحقّقه ابن القطّان. وذكر بعض مؤرخي المغرب أنه محمد بن تومرت بن نيطاوس بن ساولا ابن سفيون بن الكلديس بن خالد [4] . وزعم كثير من المؤرّخين أن نسبه في أهل البيت، وأنه محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن هود بن خالد بن تمام بن عدنان ابن سفيان بن صفوان بن جابر بن عطاء بن رباح بن محمد من ولد سليمان بن عبد الله ابن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أخي إدريس الأكبر. الواقع نسب الكثير من بيته في المصامدة وأهل السوس. كذا ذكر ابن نحيل في سليمان هذا، وأنه لحق بالمغرب إثر أخيه إدريس، ونزل تلمسان وافترق ولده في المغرب قال: فمن ولده كل طالبي بالسوس، وقيل بل هو من قرابة إدريس اللاحقين به إلى المغرب، وأن رباحا الّذي في عمود هذا النسب إنما هو ابن يسار العبّاس بن محمد بن الحسن، وعلى الأمرين فإن نسبة الطالبي وقع في هرغة من قبائل المصامدة ورسخت عروقه فيهم، والتحم بعصبيتهم فلبس جلدتهم، وانتسب بنسبتهم وصار في عدادهم.

وكان أهل بيته أهل نسك ورباط. وشبّ محمد هذا قارئا محبا للعلم، وكان يسمى أسافو، ومعناه الضياء لكثرة ما كان يسرج القناديل بالمساجد لملازمتها. وارتحل في طلب العلم إلى المشرق على رأس المائة الخامسة، ومرّ بالأندلس ودخل قرطبة وهي إذ ذاك دار علم. ثم أجاز إلى الإسكندرية وحجّ ودخل العراق ولقي جلّة من العلماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015