عامر بن صعصعة واستيلاؤهم على مواطن العرب من كهلان وربيعة ومضر.
(فأما بنو كهلان) فلم يبق لهم أحياء فيما يسمع. (وأما ربيعة) فأجازوا بلاد فارس وكرمان فهم ينتجعون هنالك ما بين كرمان وخراسان. وبقيت بالعراق منهم طائفة ينزلون البطائح وانتسب إلى الكوفة منهم بنو صباح [1] ومعهم لفائف من الأوس والخزرج. فأمير ربيعة اسمه الشيخ ولي، وعلى الأوس والخزرج طاهر بن خضر منهم هذه شعوب الطبقة الثالثة من العرب لهذا العهد في ديار المشرق بما أدّى إليه الإمكان.
(ونحن الآن نذكر شعوبهم الذين انتقلوا إلى المغرب) : فإنّ أمّة العرب لم يكن لهم إلمام قطّ بالمغرب، لا في الجاهلية ولا في الإسلام، لأنّ أمّة البربر الذين كانوا به كانوا يمانعون عليه الأمم. وقد غزاه أفريقش بن ضبيع [2] الّذي سميت به إفريقية، من ملوك التبابعة وملكها. ثم رجع عنها وترك كتامة وصنهاجة من قبائل حمير، فاستحالت طبيعتهم [3] إلى البربر واندرجوا في عدادهم، وذهب ملك العرب منهم.
ثم جاءت الملة الإسلامية وظهر العرب على سائر الأمم بظهور الدين، فسارت في المغرب، وافتتحوا سائر أمصاره ومدنه وعانوا من حروب البربر شدّة. وقد تقدّم لنا ما ذكره ابن أبي زيد [4] من أنهم ارتدّوا اثنتي عشرة مرة. ثم رسخ فيهم الإسلام ولم يسكنوا بأجيالهم في الخيام ولا نزلوا أحياء لأنّ الملك الّذي حصل لهم يمنعهم من سكنى الضاحية، ويعدل بهم إلى المدن والأمصار. فلهذا قلنا إنّ العرب لم يوطنوا بلاد المغرب. ثم أنهم دخلوا إليه في منتصف المائة الخامسة، وأوطنوه وافترقوا بأحيائهم في جهاته كما نذكر الآن ونستوعب أسبابه.