تاريخ ابن خلدون (صفحة 3430)

أبغا مكانه أميرين من أمراء المغل وهما تدوان وتوقر فتقدما سنة خمس وسبعين إلى بلاد الشام ونزلا بابلستين ومعهما غياث الدين كنجسرو وكافله البرواناة في العساكر وسار الظاهر من دمشق فلقيهم بابلستين وقد قعد البرواناة لما كان تواعد مع الظاهر عليه وهزمهم الظاهر جميعا وقتل الأميرين تدوان وتوقر في جماعة من التتر ونجا البرواناة وسلطانه فلم يصب منهم أحد واستراب السلطان بالبرواناة لذلك وملك الظاهر قيسارية كرسي بلاد الروم وعاد إلى مصر وجاء أبغا ووقف على مكانه الملحمة ورأى مصارع قومه فصدّق الريبة بممالأة الظاهر والبرواناة وأصحابه فاكتسح البلاد وخربها ورجع ثم استدعى البرواناة إلى معسكره فقتله وأقام مكانه في كفالة كنجسرو أخاه عز الدين محمدا ولم يزل غياث الدين واليا على بلاد الروم والشحنة من المغل حاكم في البلاد إلى أن ولي تكرار بن هلاكو وكان أخوه قنقرطاي مقيما ببلاد الروم مع صمغار فبعث عنه وامتنع من الوصول فأوعز إلى غياث الدين واعتقله بارزنكان وولي على بلاد الروم على الشحنة أولاكو من أمراء المغل وذلك سنة إحدى وثمانين ويقال أنّ أرغو بن أبغا هو الّذي ولىّ أولا كوشحنة ببلاد الروم بعد صمغار وأنّ تدوان وتوقر إنما بعث بهما أبغا لقتال الظاهر ولم يرسلهما شحنة ثم أقام مسعود بن عز الدين كيكاوس في سلطانه ببلاد الروم والحكم لشحنة التتر وليس له من الملك إلا اسمه إلى أن افترق واضمحلّ أمره وبقي أمراء المغل يتعاقبون في الشحنة ببلاد الروم وكان منهم أوّل المائة الثامنة الأمير علي وهو الّذي قتل ملك الأرمن هيشوش بن ليعون صاحب سيس واستعدى أخوه عليه بخربندا فأعداه وقتله كما مرّ في أخبار الأرمن في دولة الترك وكان منهم سنة عشرين وسبعمائة الأمير ألبغا ولي السلطان أبو سعيد على بلاد الروم دمرداش بن جوبان سنة ثلاث وعشرين واستفحل بها ملكه وجاهد الأرمن بسيس واستمدّ الناصر محمد بن قلاون صاحب مصر عليهم فأمدّه بالعساكر وافتتحوا إياس عنوة ورجعوا ثم نكب السلطان أبو سعيد نائبة جوبان بن بروان وقتله كما مرّ في أخبارهم وبلغ الخبر إلى دمرداش ابنه ببلاد الروم فاضطرب لذلك ولحق بمصر في عساكره وأمرائه فأقبل السلطان عليه وتلقاه بالتكرمة والإيثار وجاءت رسل أبي سعيد في اتباعه تطلب حكم الله تعالى فيه بسعيه في الفساد وإثارة الفتنة على أن يفعل مثل ذلك في قراسنقر النازع إليهم من أمراء الشام فقتلوه وقتل دمرداش بمصر وذهبا بما كسبا وكان دمرداش لما هرب من بلاد الروم إلى مصر ترك من أمرائه إرتنا وكان يسمى النوير اسم أبناء الملوك فبعث إلى أبي سعيد بطاعته فولاه على البلاد فملكها ونزل سيواس واتخذها كرسي ملكه ثم استبدّ حسن بن دمرداش بتوريز فبايع له إرتنا ثم انتقض وكاتب الملك الناصر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015