تاريخ ابن خلدون (صفحة 3417)

وانتهت غاراتهم إلى غزة ولما امتنعت عليه القلاع ارتحل عائدا إلى بلده وخلف قطلو شاه في عساكر لحماية البلد وحصار القلعة ويحيى بن جلال الدين لجباية الأموال وترك قفجاق على نيابة دمشق وبكتمر على نيابة حلب وحمص وحماة وكر الملك الناصر راجعا إلى الشأم بعد أن جمع العساكر وبث العطاء وأزاح العلل وعلى مقدّمته سرمز الجاشنكير وسلار كافلا مملكته فتقدموا إلى حدود الشام وأقام هو بالصالحية واستأمن لهما قفجاق وبكتمر النائبان بدمشق وحلب وراجعا طاعة السلطان واستولى سرمز وسلار على الشام ورجع قطلو شاه إلى العراق ثم عاود قازان المسير إلى الشام سنة اثنتين وسبعين وعبر الفرات ونزل على الحربة وكاتب أهل الشام يخادعهم وقدم قطلو شاه فأغار على القدس وبها أحياء التركمان فقاتلوه ونالوا منه وتوقفوا هنالك وسار الناصر من مصر في العساكر ثالث شعبان ولقي قطلو شاه بمرج الصفر فهزمه بعد حرب شديدة وسار في إتباعهم إلى الليل فاعتصموا بجبل في طريقهم وبات المسلمون يحرسونهم ثم تسللوا وأخذ القتل منهم كل مأخذ واعترضهم الوحل من أمامهم من بثوق بثقت لهم من نهر دمشق فلم ينج منهم أحد وقدم الفل على قازان بنواحي كيلان ومرض هنالك ومات في ذي الحجة من السنة ويقال أنه مات أسفا والله تعالى أعلم بالصواب.

خربندا بن أرغو

ولما هلك قازان ولي بعده أخوه خربندا وابتدأ أمره بالدخول في دين الإسلام وتسمى بمحمد وتلقب غياث الدين وأقر قطلو شاه على نيابته ثم جهزه لقتال الكرد في جبال كيلان وقاتلهم فهزموه وقتلوه وولى مكانه جوبان بن تدوان وأقام في سلطانه حسن الدين معظما للخلفاء وكتب أسماءهم على سكته ثم صحب الروافض فساء اعتقاده وحذف ذكر الشيخين من الخطبة ونقش أسماء الأئمة الاثني عشر على سكته ثم أنشأ مدينة بين قزوين وهمذان وسماها السلطانية ونزلها واتخذ بها بيتا لطيفا بلبن الذهب والفضة وأنشأ بإزائها بستانا جعل فيه أشجار الذهب بثمر اللؤلؤ والفصوص وأجرى اللبن والعسل أنهارا وأسكن به الغلمان والجواري تشبيها له بالجنة وأفحش في التعرض لحرمات قومه ثم سار إلى الشام سنة ثلاث عشرة وعبر الفرات ونزل الرحبة ورجع ثم هلك ويقال مات مسموما على يد بعض أمرائه سنة ست عشرة والله تعالى أعلم

.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015