صدقة ونزل عند الفجاج وخرج أبو الغازي الى عقربا وبعث لصدقة بأنه انما عدل عن طاعة محمد للصلح الوقع بينه وبين أخيه وأنهما تراضيا على أن بغداد لبركيارق وانا شحنة بها واقطاعي حلوان فلا يمكنني التحوّل عن طاعة بركيارق فقبل منه ورجع الى الحلة وبعث المستظهر في ذي القعدة سنة سبع وتسعين بالخلع للسلطان بركيارق والأمير أياز والوزير الخطير واستخلفهم جميعا وعاد الى بغداد والله سبحانه ولىّ التوفيق.
قد تقدم لنا استيلاء الافرنج على معظم بلاد الشام وشغل الناس عنهم بالفتنة وكانت حرّان لقراجا من مماليك ملك شاه وكان غشوما فخرج منها لبعض مذاهبه وولى عليها الأصبهاني من أصحابه فعصى فيها وطرد أصحاب قراجا منها ما عدا غلاما تركيا اسمه جاولى جعله مقدم العسكر وأنس به فقرّره وتركه وملك حرّان وسار الافرنج إليها وحاصروها وكان بين جكرمس صاحب جزيرة ابن عمر وسقمان صاحب كيفا حروب وسقمان يطالبه بقتل ابن أخيه فانتدبا لنصر المسلمين واجتمعا على الخابور وتحالفا وسار سقمان في سبعة آلاف من التركمان وجكرمس في ثلاثة آلاف من الترك والعرب والأكراد والتقوا بالافرنج على نهر بلخ فاستطرد لهم المسلمون نحو فرسخين ثم كرّوا عليهم فغنموا فيهم وقتلوا سوادهم وأخذ القمص بردويل صاحب الرها أسره تركمانيّ من أصحاب سقمان في نهر بلخ وكان سمند صاحب انطاكية من الافرنج ونيكري [2] صاحب الساحل منهم قد كمنا وراء الجبل ليأتيا المسلمين من ورائهم عند المعركة فلما عاينوا الهزيمة كمنوا بقية يومهم ثم هربوا فاتبعهم المسلمون واستلحموهم وأسروا منهم كثيرا وفلت سمند ونيكري بدماء أنفسهم ولما حصل الظفر للمسلمين عصى أصحاب جكرمس باختصاص سقمان بالقمّص وحملوه على أخذه لنفسه فأخذ جكرمس من خيام سقمان وشق ذلك عليه وأراد أصحابه [3] فأبى حذرا من افتراق المسلمين ورحل وفتح في طريقه عدّة حصون وسار جكرمس الى حران ففتحها ثم سار الى الرها فحاصرها خمس عشرة ليلة وعاد الى الموصل وقاد من القمص