كان ملك الروم بالقسطنطينية لهذا العهد اسمه أرمانوس وكان كثيرا ما يخيف ثغور المسلمين وتوجه في سنة اثنتين وستين في عساكر كثيرة الى الشام ونزل على مدينة منبج واستباحها وجمع له محمود بن صالح بن مرداس الكلابي وابن حسان الطائي قومهما ومن اليهم من العرب فهزمتهم الروم ثم رجع أرمانوس الى القسطنطينية واحتشد الروم والفرنج والروس والكرخ ومن يليهم من العرب والطوائف وخرج الى بلاد كرد من أعمال خلاط وكان السلطان آلب أرسلان بمدينة حوف من أذربيجان منقلبا من حلب فبعث بأهله وأثقاله الى همدان مع وزير نظام الملك وسار هو في خمسة عشر ألف مقاتل وتوجه نحوهم متهيئا ولقيت مقدمته الروس فهزموهم وجاءوا بملكهم أسيرا الى السلطان فجدعه وبعث اسلابهم الى نظام الملك ثم توجّه الى سمرقند ففارقها ألتكير وأرسل في الصلح ويعتذر عن تومق فصالحه ملك شاه وأقطع بلخ وطخارستان لأخيه شهاب الدين مكين الى خراسان ثم الى الريّ.
كان بكرمان قاروت [1] بك أخو السلطان البارسلان أميرا عليها فلما بلغه وفاة أخيه سار الى الريّ لطلب الملك فسبقه اليها السلطان ملك شاه ونظام الملك ومعهما مسلم بن قريش ومنصور بن دبيس وأمراء الأكراد والتقوا على نهرمان فانهزم قاروت بك وجيء به الى أمام سعد الدولة كوهراس [2] فقتله خنقا وأمر كرمان بسير بنيه وبعث اليهم بالخلع وأقطع العرب والأكراد مجازاة لما أبلوا في الحرب وقد كان السلطان البارسلان شافعا فيه على الخليفة فلقيهم خبر وفاة البارسلان في طريقهم فرّوا الى ملك شاه وسبق اليه مسلم بطاعته وأمّا بهاء الدولة منصور بن دبيس فانّ أباه أرسله بالمال الى ملك شاه فلقيه سائرا للحرب فشهدها معه ثم توفي أياز أخو السلطان ملك شاه ببلخ سنة خمس وستين فكفله ابنه ملك شاه الى سنة سبع وستين وتوفي القائم منتصف شعبان منها لخمس وأربعين سنة من خلافته ولم يكن له يومئذ ولد وانما كان له حافد وهو المقتدي عبد الله بن محمد وكان أبوه محمد بن القائم ولي عهده