تاريخ ابن خلدون (صفحة 2802)

بلاد الريّ سنة عشرين وأربعمائة وملكوا همذان وعاثوا في نواحيها إلى أستراباذ وقرى الدّينور، خرج إليهم أبو الفتح بن أبي الشوك وقاتلهم فهزمهم وأسر منهم جماعة. ثم عقد الصلح معهم على إطلاق أسراهم ورجعوا عنه. ثم استولى أبو الشوك سنة ثلاثين وأربعمائة على قرميسين من أعمال الجيل، وقبض على صاحبها من الأكراد الترهية وسار اخوه إلى قلعة أرمينية فاعتصم بها من أبي الشوك، وكانت لهم مدينة خولنجان، فبعث إليها عسكرا فلم يظفروا وعادوا عنها. ثم جهّز آخر وبعثهم ليومهم يسابقون جندهم، ومرّوا بأرمينية فنهبوا ربضها، وقاتلوا من ظفروا به، وانتهوا إلى خولنجان فكبسوها على حين غفلة واستأمن إليهم أهلها وتحصّن الحامية بقلعة وسط البلد فحاصروها وملكوها عليهم في ذي القعدة من السنة.

(الفتنة بين أبي الفتح بن أبي الشوك وعمه مهلهل)

كان أبو الفتح بن أبي الشوك نائبا عن أبيه بالدّينور، واستفحل بها وملك قلاعا عدة، وحمى أعماله من الغزّ فأعجب بنفسه ورأى التفوّق على أبيه. وسار في شعبان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة إلى قلعة بكورا [1] من قلاع الأكراد وصاحبها غائب وبها زوجته فراسلت مهلهلا لتسلم له القلعة نكاية لأبي الفتح، وكانت حلّة مهلهل في نواحي الصّامغان فانتظر حتى عاد أبو الفتح عن القلعة وجمعا العساكر لحصارها، وسار إليها أبو الفتح فوري له عن قصده، ورجع فأتبعه أبو الفتح فقاتله عمّه مهلهل، ثم ظفر به وأسره وحبسه. وجمع أبو الشوك وقصد شهرزور وحاصرها. ثم قصد بلاد مهلهل وطال الأمر ولجّ مهلهل في شأنه وأغرى علاء الدولة بن كاكويه ببلد أبي الفتح فملك عليه الدّينور وقرميسين سنة اثنتين وثلاثين.

ثم سار أبو الشوك إلى دقوقا وقدم إليها ابنه سعدي فحاصرها وجاء على أثره فنقبوا سورها وملكها عنوة، ونهب بعض البلد وأخذت أسلحة الأكراد وثيابهم، وأقام أبو الشوك بها ليله. ثم بلغه أنّ أخاه سرخاب بن محمد قد أغار على مواضع من ولايته فخاف على البندنجين. ورجع وبعث إلى جلال الدولة سلطان بغداد يستنجده،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015