قد تقدّم لنا أن عمان كانت ليوسف بن وجيه وأنه حارب بني البريديّ بالبصرة حتى قارب أخذها حتى عملوا الحيلة في إضرام النار في سفنه فولّى هاربا في محرّم سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وأنه ثار عليه مولاه في هذه السنة فغلبه على البلد وملكها من يده. ولما استوحش معزّ الدولة من القرامطة، كتب إليهم ابن وجيه صاحب عمان يطمعهم في البصرة، واستمدّهم في البرّ وسار هو في البحر سنة إحدى وأربعين، وسابقه الوزير المهلّبيّ من الأهواز إليها، وأمدّه معزّ الدولة بالعساكر والمال فاقتتلوا أياما، ثم ظفر المهلّبيّ بمراكبه وما فيها من سلاح وعدّة. ولم يزل القرامطة يثاورونها حتى غلبوا عليها سنة أربع وخمسين وثلاثمائة واستولوا عليها وهرب رافع عنها. وكان له كاتب يعرف بعليّ بن أحمد ينظر في أمور البلد، والقرامطة بمكانهم من هجر، فاتفق قاضي البلد وكان ذا مشير وعصابة على أن ينصبّوا للنظر في أمورهم أحد قوّادهم، فقدّموا لذلك ابن طغان ففتك بجميع القوّاد الذين معه، وثأر منه بعض قرابتهم فقتلوه، فاجتمع الناس على تقديم عبد الوهاب بن أحمد بن مروان من قرابة القاضي مكانه فولّوه، واستكتب عليّ بن أحمد كاتب القرامطة قبله من الجند فامتعضوا لذلك فدعاهم إلى بيعته فأجابوه وسوّاهم في العطاء مع البيض فسخط البيض ذلك [1] ، ودارت بينهم حرب سكنوا آخرها واتفقوا وأخرجوا عبد الوهاب من البلد، واستقرّ عليّ بن أحمد الكاتب أميرا فيها، ثم سار معز الدولة إلى واسط سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وقدّم إليه نافع مولى ابن أخيه الّذي كان ملكها بعد مولاه، فأحسن إليه وأقام عنده حتى فرغ من أمر عمران بن شاهين، وانحدر إلى الأبلّة في