تاريخ ابن خلدون (صفحة 2666)

(استيلاء أسفار على الري واستفحال أمره)

لما استولى أسفار على طبرستان ومرداويج معه، وكان يومئذ على الريّ وملكها من يد صعلوك كما ذكرناه. واستولى على قزوين وزنجان وأبهر وقمّ والكرخ ومعه الحسن بن القاسم الداعي الصغير [1] وهو قائم بدعوته. فلما خالفه أسفار إلى طبرستان وملكها واستضافها إلى جرجان سار إليه ما كان والداعي والتقوا بسارية واقتتلوا، وانهزم ما كان وقتل الداعي، وكانت هزيمته بتخاذل الديلم عنه فإنّ الحسن كان يشتدّ عليهم في النهي عن المنكر فنكروه، واستقدموا خال مرداويج من الجبل واسمه هزرسندان [2] وكان مع أحمد الطويل بالدّامغان، فمكروا بالداعي واستقدامه للاستظهار به، وهم يضمرون تقديمه عوض ما كان، ونصّب أبي الحسن بن الأطروش عوض الحسن الداعي، ودسّ إليه بذلك أحمد الطويل صاحب الدّامغان بعد موت صعلوك، فحذّرهم حتى إذا قدم هزرسندان أدخله مع قوّاد الديلم إلى قصره بجرجان. ثم قبض عليهم وقتلهم جميعا، وأمر أصحابه بنهب أموالهم، فامتعض لذلك سائر الديلم وأقاموا على مضيض حتى إذا كان يوم لقائه أسفار خذلوه فقتل. وفرّ ما كان واستولى أسفار على ما كان لهم من الريّ وقزوين وزنجان وأبهر وقمّ والكرخ واستضافها إلى طبرستان وجرجان، وأقام فيها دعوة السعيد بن سامان. ونزل سارية واستعمل على الريّ هارون بن بهرام صاحب جناح، وكان يخطب فيها لأبي جعفر العلويّ، فاستدعاه إليه وزوجه من آمل. وجاء أبو جعفر لوليمته مع جماعة من العلويّين فكبسهم أسفار وبعث بهم إلى بخارى فحبسهم بها إلى أن خلّصوا مع يحيى أخي السعيد، وكانوا في فتية حسبما ذكرناه. ولما فرغ أسفار من الريّ تطاول إلى قلعة ألموت ليحصّن بها عياله وذخيرته، وكانت لسياه جشم بن مالك الديلميّ ومعناه الأسود العين، فاستقدمه أسفار وولّاه قزوين، وسأله في ذلك فأجابه فنقل عياله إليها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015