كان هؤلاء الترك ملوك تركستان، ولا أدري أولية أمرهم بها إلّا أنّ أوّل من أسلم منهم سبق قراخان، وتسمّى عبد الملك، وكانت له تركستان وقاعدتها كاشغر، وبلاساغون وخيمو وما يتصل بها إلى أوان المفازة المتّصلة بالصين في ناحية الشمال عنهم، أعمال طراز والشاش وهي للترك أيضا. إلّا أنّ ملوك تركستان أعظم ملكا منهم بكثير. وفي المغرب عنهم بلاد ما وراء النهر التي كان ملكها لبني سامان وكرسيّهم بخارى. ولما أسلم ملكهم عبد الكريم سبق أقام على ملكه بتلك الناحية، وكان يطيع بني سامان هو وعقبه يستنفرونهم في حروبهم إلى أن ملك عهد الأمير نوح بن منصور في عشر التسعين والثلاثمائة على حين اضطراب دولة بني سامان، وانتقاض عمّالهم بخراسان.
وانتقض أبو علي بن سيجور فراسل بقراخان وأطمعه في ملك بخارى فطمع بقراخان في البلاد. ثم قصد أعمال بني سامان وملكها شيئا فشيئا. وبعث الأمير نوح إليه العساكر مع قائده أنج فلقيهم بقراخان وهزمهم، وأسر أنج وجماعة من القوّاد. وسار فائق إلى بقراخان واختصّ به، وصار في جملته، ورجع الأمير نوح إلى بخارى كما مرّ من قبل، وهلك بقراخان في طريقه.
ولما ارتحل بقراخان من بخارى وهو على ما به من المرض، أدركه الموت في طريقه فمات سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. وكان ديّنا عادلا حسن السيرة، محبّا للعلماء وأهل الدين مكرّما لهم، متشيّعا سنيا. وكان مواليا لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم.