تاريخ ابن خلدون (صفحة 2475)

وسائله في ذلك، وأقطعه واسطا وأذن له في ملك البصرة، وأنزله منزل المصافاة حتى كان يجبر عليه. وسخط مرة على سرخاب بن كيخس [1] صاحب سارة فلجأ إليه مستجيرا به فأجاره، وطلبه السلطان فمنعه. وكان العميد أبو جعفر يستبد له السلطان لكثرة السعاية، ويغريه به وينكر دالته وتبسطه فتعين [2] السلطان وسار إلى العراق وأرسل إلى صدقة فاستشار صدقة أصحابه فأشار ابنه دبيس بملاطفته واستعطافه بالهدايا، وأشار سعيد بن حميد صاحب جيشه بالمحاربة، فجنح إلى رأيه واستطال في الخطاب وجمع الجند وأفاض فيهم العطاء واعترضهم فكانوا عشرين ألف فارس وثلاثين ألف راجل. وبعث إليه المستظهر مع علي بن طراد الزيني [3] نقيب النقباء يعظه في المخالفة، ويحضه على لقاء السلطان، فاعتذر بالخوف منه ثم بعث إليه السلطان أقضى القضاة أبا سعيد الهروي ليؤمنه، ويستنفره لجهاد الفرنج في جملته فامتنع، ووصل السلطان إلى بغداد في ربيع من سنة إحدى وخمسمائة، ومعه وزيره نظام الملك أحمد بن نظام الملك، فقدم البرسقي شحنة بغداد في جماعة من الأمراء فنزلوا بصرصر مسلحة لقلّة عسكر السلطان. وإنه إنما جاء في ألفي فارس للإصلاح والاستئلاف، فلما تبين له لجاج صدقة أرسل إلى الأمراء بأصفهان بأن يستجيشوا ويقدموا، فكتب صدقة إلى الخليفة بالمقاربة وموافقة السلطان. ثم رجع صدقة عن رأيه، وقال: إذا رحل السلطان عن بغداد مددته بالأموال والرجال لجهاده. واما الآن عساكره متصلة فلا وفاق عندي، وقد أرسل إلى جاولي سكاوو، وصاحب الموصل وإيلغازي بن أرتق [4] صاحب ماردين بالانتقاض على السلطان وأيس السلطان من استقامته. ووصل إليه ببغداد قراوش شرف الدولة وكروباوى [5] بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015