تاريخ ابن خلدون (صفحة 2200)

وقالوا إنّ الآمر أوصى بأنّ فلانة حامل فدلّته الرؤيا بأنها تلد ذكرا فهو الخليفة بعدي، وكفالته لعبد الحميد فأقاموه كافلا ولقّبوه الحافظ لدين الله، وذكروا من الوصية أن يكون هزير الملوك وزيرا والسعيد باس من موالي الأفضل صاحب الباب، وقرءوا السجل بذلك في دار الخلافة.

(ولاية أبي عليّ بن الأفضل الوزارة ومقتله)

ولما تقرّر الأمر على وزارة هزير الملوك، وخلع عليه أنكر ذلك الجند وتولّى كبر ذلك رضوان بن ونحش كبيرهم. وكان أبو عليّ بن الأفضل حاضرا بالقصر فحثّه برغش العادل على الخروج حسدا لصاحبه، وأوجد له السبيل إلى ذلك فخرج، وتعلّق به الجند وقالوا: هذا الوزير ابن الوزير، وتنصّل فلم يقبلوا، وضربوا له خيمة بين القصرين وأحدقوا به، وأغلقت أبواب القصر فتسوّروه وولجوا من طيقانه. واضطر الحافظ إلى عزل هزير الملوك، ثم قتله وولى أبو عليّ أحمد بن الأفضل الوزارة، وجلس بدست أبيه وردّ الناس أموال الوزارة المقضية. واستبدّ على الحافظ ومنعه من التصرّف، ونقل الأموال من الذخائر والقصر إلى داره، وكان إماميّا متشدّدا فأشار عليه الإمامية بإقامة الدعوة للقائم المنتظر. وضرب الدراهم باسمه دون الدنانير ونقش عليها: الله الصَّمَدُ 112: 2 الإمام محمد، وهو الإمام المنتظر. وأسقط ذكر إسماعيل من الدعاء على المنابر، وذكر الحافظ وأسقط من الآذان حيّ على خير العمل. ونعت نفسه بنعوت أمر الخطباء بذكرها على المنابر. وأراد قتل الحافظ بمن قتله الآمر من إخوته. فإنّ الآمر أجحفهم عند نكبة الأفضل وقتلهم، فلم يقدر أبو عليّ على قتله فخلعه واعتقله. وركب بنفسه في المواسم وخطب للقائم مموّها فتنكّر له أولياء الشيعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015