وهزمه وقتله، وافترق أصحابه، وكان فيهم عمّه إدريس بن عبد الله فأفلت من الهزيمة مع من أفلت منهم يومئذ، ولحق بمصر نازعا إلى المغرب، وعلى بريد مصر يومئذ واضح مولى صالح بن المنصور ويعرف بالمسكين، وكان يتشيّع، فعلم بشأن إدريس وأتاه إلى المكان الّذي كان به مستخفيا، وحمله على البريد الى المغرب ومعه راشد مولاه فنزل بو ليلى سنة ست وسبعين، وبها يومئذ إسحاق بن محمد بن عبد الحميد أمير أوربة من قبائل البربر، وكبيرهم لعهده فأجاره وأكرمه، وجمع البربر على القيام بدعوته، وخلع الطاعة العبّاسية وكشف القناع واجتمع عليه البرابرة بالمغرب فبايعوه وقاموا بأمره، وكان فيهم مجوس فقاتلهم إلى أن أسلموا. وملك المغرب الأقصى، ثم ملك تلمسان سنة ثلاث وسبعين. ودخلت ملوك زناتة أجمع في طاعته، واستفحل ملكه، وخاطب إبراهيم بن الأغلب صاحب القيروان، وخاطب الرشيد بذلك، فشدّ إليه الرشيد مولى من موالي المهدي اسمه سليمان بن حريز، ويعرف بالشمّاخ، وأنفذه بكتابه إلى ابن الأغلب فأجازه ولحق بإدريس مظهرا للنزوع إليه فيمن نزع من وحدان المغرب متبرئا من الدعوة العبّاسية ومنتحلا للطالبيين، واختصه الإمام إدريس وحلي بعينه، وكان قد تأَبَّط سمّا في سنون فناوله إياه عند شكايته من وجع أسنانه فكان فيها فيما زعموا حتفه، ودفن ببو ليلى سنة خمس وسبعين، وفرّ الشمّاخ ولحقه راشد بوادي ملوية فاختلفا بينهما ضربتين قطع فيها راشد يده، وأجاز الشمّاخ الوادي فأعجزه وبايع البرابرة بعد مهلكه ابنه إدريس سنة ثمان وثمانين، واجتمعوا على القيام فأمره ولحق به كثير من العرب من إفريقية والأندلس، وعجز بنو الأغلب أمراء إفريقية عنه فاستفحلت له ولبنيه بالمغرب الأقصى دولة إلى أن انقرضت على يد أبي العافية وقومه مكناسة أولياء العبيديّين أعوام ثلاثة عشر وثلاثمائة حسبما نذكر ذلك في أخبار البربر، ونعدّد ملوكهم هناك واحدا واحدا، وانقراض دولتهم وعودها، ونستوعب ذلك كلّه لأنه أمسّ بالبربر فإنّهم كانوا القائمين بدعوتهم. (ثم خرج يحيى) أخو محمد بن عبد الله بن حسن وإدريس في الديلم سنة ست وسبعين أيام الرشيد، واشتدّت شوكتهم وسرّح الرشيد لحربه الفضل بن يحيى فبلغ الطالقان، وتلطّف في استنزاله من بلاد الديلم على أن يشترط ما أحب ويكتب له الرشيد بذلك خطّه، فتمّ بينهما، وجاء به الفضل فوفّى له الرشيد بكل ما أحب، وأجرى له أرزاقا سنيّة، ثم حبسه بعد ذلك لسعاية كانت