وأطاعه البهلوانيّة، فاستولى على سائر تلك الأعمال وهرب شمس الدين إيدغمش إلى بغداد، وأمر النّاصر بتلقيه، فكان يوما مشهودا وخشي منكلى من اتّصاله فأوفد ابنه محمدا في جماعة من العسكر، وتلقّاه الناس على طبقاتهم وقد كان الناصر شرع في إمداد إيدغمش، فأمدّه وسار إلى همذان في جمادى من سنة عشر، ووصل إلى بلاد ابن برجم من التركمان الأيوبيّة، وكان الناصر عزله عن إمارة قومه وولّى أخاه الأصغر، فبعث إلى منكلى بخبر إيدغمش، فبعث العساكر بطلبه فقتلوه وافترق جمعه، وبعث الناصر إلى أزبك بن البهلوان صاحب أذربيجان وأرانية يغريه به.
وكان مستوحشا منه وأرسل أيضا إلى جلال الدين صاحب قلعة الموت وغيرها من قلاع الإسماعيليّة من بلاد العجم بمعاضدة أزبك على أن يقتسموا بلاد الجبل. وجمع الخليفة العساكر من الموصل والجزيرة وبغداد وقدم على عسكر بغداد مملوكه مظفر الدين وجه السبع واستقدم مظفّر الدين كوكبري بن زين الدين كوجك وهو على إربل وشهرزور وأعمالها، وجعله مقدّم العساكر جميعا وساروا إلى همذان فهرب منكلى إلى جبل قريب الكرج وأقاموا عليه يحاصرونه ونزل منكلي في بعض الأيام فقاتل أزبك وهزمه إلى مخيمه. ثم جاء من الغد وقد طمع فيهم فاشتدّوا في قتاله وهزموه فهرب عن البلاد أجمع، وافترقت عساكره واستولت العساكر على البلاد، وأخذ جلال الدين ملك الإسماعيلية منها ما عينته القسمة وولّى أزبك بن البهلوان على بقية البلاد أغلمش مملوك أخيه وعادت العساكر إلى بلادها ومضى منكلى منهزما إلى مدينة ساوة فقبض عليه الشحنة بها وقتله وبعث أزبك برأسه إلى بغداد وذلك في جمادى سنة اثنتي عشرة.
كان للناصر ولد صغير اسمه عليّ وكنيته أبو الحسن قد رشّحه لولاية العهد وعزل عنها ابنه الأكبر، وكان هذا أحبّ ولده إليه فمات في ذي القعدة سنة عشر فتفجّع له وحزن عليه حزنا لم يسمع بمثله. وشمل الأسف عليه الخاصّ والعام. وكان ترك ولدين لقبهما المؤيد والموفّق فبعثهما الناصر إلى تستر من خوزستان بالعساكر في المحرّم سنة ثلاث عشرة وبعث معهما مؤيد الدين نائب الوزارة، وعزل مؤيد الدين الشرابي فأقاما بها أياما. ثم أعاد الموفّق مع الوزير والشرابي إلى بغداد في شهر ربيع وأقام المؤيد بتستر.