تاريخ ابن خلدون (صفحة 2102)

الناصر وبعثه بالعساكر إلى همذان سنة ثلاث وتسعين فلقي بها أزبك بن البهلوان وأمير علم وابنه قطلمش، وقد كاتبوا الناصر بالطاعة فداخل أمير علم وقبض على أزبك وابن قطلمش بموافقته، وأنكر الناصر ذلك على أبي الهيجاء وأمره بإطلاقهم.

وبعث إليهم بالخلع فلم يأمنوا، وفارقوا أبا الهيجاء فخشي من الناصر ودخل إلى إربل لأنه كان من أكرادها، ومات قبل وصوله إليها. وأقام كركجه ببلاد الجبل واصطنع رفيقه إيدغمش، واستخلصه ووثق به فاصطنع إيدغمش المماليك وانتقض عليه آخر المائة السادسة، وحاربه فقتله واستولى على البلاد ونصب أزبك بن البهلوان للملك وكفله. ثم توفي طاش تكين أمير خوزستان سنة اثنتين وستمائة وولىّ الناصر مكانه صهره سنجر وهو من مواليه، وسار سنجر سنة ثلاث وستمائة إلى جبال تركستان جبال منيعة بين فارس وعمان وأصبهان وخوزستان وكان صاحب هذه الجبال يعرف بأبي طاهر وكان للناصر مولى اسمه قشتمر من أكابر مواليه ساءه وزير الدولة ببعض الأحوال فلحق بأبي طاهر صاحب تركستان فأكرمه وزوّجه بابنته. ثم مات أبو طاهر فأطاع أهل تلك الولاية قشتمر وملك عليهم، وبعث الناصر إلى سنجر صاحب خوزستان يعضده في العساكر فسار إليه وبذل له الطاعة على البعد. فلم يقبل منه فلقيه وقاتله فانهزم سنجر وقوي قشتمر على أمره وأرسل إلى ابن دكلا صاحب فارس، وإلى إيدغمش صاحب الجبل فاتفق معهما على الامتناع على الناصر واستمرّ حاله.

عزل الوزير نصير الدين

كان نصير الدين ناصر بن مهدي العلويّ من أهل الريّ من بيت إمارة، وقدم إلى بغداد عند ما ملك الوزير ابن القصّاب الريّ فأقبل عليه الخليفة، وجعله نائب الوزارة. ثم استوزره وجعل ابنه صاحب المخزن فتحكّم في الدولة، وأساء إلى أكابر موالي الناصر، فلما حجّ مظفّر الدين سنقر المعروف بوجه السبع سنة ثلاث وستمائة وكان أميرا ففارق الحاج ومضى إلى الشام، وبعث إلى الناصر أنّ الوزير ينفي عليك مواليك ويريد أن يدّعي الخلافة فعزله الناصر وألزمه بيته. وبعث من كل شيء ملكه، ويطلب الإقامة بالمشهد فأجابه الناصر بالأمان والاتّفاق، وانّ المعزلة [1] لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015