الزكوي، وجاء نائبة إلى بغداد فسلّم إليه البرسقي العمل وسار إلى الموصل بابن السلطان، وبعث إلى عماد الدين زنكي أن يلحق به فسار إلى السلطان، وقدم عليه بالموصل فأكرمه وأقطعه البصرة وأعاده إليها.
قد ذكرنا مسير دبيس بن صدقة من الشام إلى الملك طغرل فأحسن إليه ورتبه في خاص أمرائه، وجعل دبيس يغريه بالعراق ويضمن له ملكه، فسار لذلك سنة تسع عشرة، ووصلوا دقوقا، فكتب مجاهد الدين مهروز من تكريت إلى المسترشد بخبرهما، فتجهّز إلى دفاعهما وسار إليهما. وأمر برتقش الزكوي الشحنة أن يستنفر ويستبعد فبلغت عدّة العسكر اثني عشر ألفا سوى أهل بغداد، وبرز خامس صفر سنة تسع عشرة، وسار فنزل الخالص، وعدل طغرل إلى طريق خراسان، وأكثرت عساكره النهب، ونزل رباط جلولاء وسار إليه الوزير جلال الدين بن صدقة في العساكر، فنزل الدسكرة وجاء المسترشد فنزل معه، وتوجّه طغرل ودبيس فنزلا الهارونية، واتفقا أن يقطعا جسر النهروان فيقيم دبيس على المعابر، ويخالفهم طغرل إلى بغداد، ثم عاقتهم جميعا عوائق المطر وأصابت طغرل الحمّى، وجاء دبيس إلى النهروان ليعبر وقد لحقهم الجوع، فصادف أحمالا من البرّ، والأطعمة جاءت من بغداد للمسترشد فنهبها، وأرجف في معسكر المسترشد أنّ دبيس ملك بغداد فأجفلوا من الدسكرة إلى النهروان وتركوا أثقالهم. ولما حلوا بالنهروان وجدوا دبيس وأصحابه نياما فاستيقظ وقبل الأرض بين يدي المسترشد وتذلّل [1] فهمّ بصلحه ووصل الوزير ابن صدقة فثناه عن ذلك ثم مدّ المسترشد الجسر وعبر ودخل بغداد لفتنة خمسة وعشرين يوما [2] . وسار دبيس إلى طغرل ثم اعتزموا على المسير إلى السلطان سنجر، ومرّوا بهمذان فعاثوا في أعمالها وصادروا، واتبعهم السلطان فانهزموا بين يديه ولحقوا بالسلطان سنجر شاكين من المسترشد والشحنة برتقش.