بغتكما ولا تأسفا علي شيء زوى منها عنكما [1] وقولا الحق وارحما اليتيم وأعينا الضائع [2] وكونا للظالم خصما وللمظلوم ناصرا واعملا بما في كتاب الله ولا تأخذكما في الله لومة لائم. ثم قال لمحمد بن الحنفية: اني أوصيك بمثل ذلك وبتوقير أخويك لعظيم حقهما عليك ولا تقطع أمرا دونهما، ثم وصّاهم بابن الحنفية، ثم أعاد على الحسن وصيته. ولما حضرته الوفاة كتب وصيّته العامة ولم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتى قبض.
فأحضر الحسن ابن ملجم فقال له: هل لك في البقاء عليّ واني قد عاهدت الله أن أقتل عليّا ومعاوية واني عاهدت الله على الوفاء بالعهد فخلّ بيني وبين ذلك فإن قتلته وبقيت فلك عهد الله أن آتيك، فقال: لا والله حتى تعاين النار ثم قدّمه فقتله. وأما البرك فإنه قعد لمعاوية تلك الليلة فلما خرج للصلاة ضربه بالسيف في أليته وأخذ فقال: عندي بشري [3] أتنفعني ان أخبرتك بها قال: نعم. قال: إنّ أخا لي قتل عليّا هذه الليلة، قال: فلعله لم يقدر عليه، قال: بلى إنّ عليّا ليس معه حرس، فأمر به معاوية فقتل، وأحضر الطبيب فقال: ليس إلا الكي أو شربة تقطع منك الولد. فقال: في يزيد وعبد الله ما تقرّبه عيني والنار لا صبر لي عليها، وقد قيل إنّه أمر بقطع البرك فقطع وأقام إلى أيام زيادة فقتله بالبصرة، وعند ذلك اتخذ معاوية المقصورة وحرس الليل وقيام الشرط على رأسه إذا سجد. ويقال إنّ أوّل من اتخذ المقصورة مروان بن الحكم سنة أربع وأربعين حين طعنه اليمانيّ.
وأمّا عمرو بن بكر فإنّه جلس لعمرو بن العاص تلك الليلة فلم يخرج وكان اشتكى فأمر صاحب شرطته خارجة بن أبي حبيبة بن عامر بن لؤيّ يصلي بالناس فشدّ عليه فضربه فقتله وهو يرى أنه عمرو بن العاص، فلما أخذوه وأدخلوه على عمرو قال فمن قتلت إذا؟ قالوا خارجة فقال: لعمرو بن العاص والله ما ظننته غيرك! فقال عمرو: وأردت عمرا وأراد الله خارجة. وأمر بقتله.
وتوفي عليّ رضي الله عنه وعلى البصرة عبد الله بن عبّاس وعلى قضائها ابو الأسود الدؤلي وعلى فارس زياد بن سميّة وعلى اليمن عبيد الله بن العبّاس حتى وقع أمر بسر بن