تأخير الظلامة للسيوطي - مخطوط

[ل1أ] بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.

1- أخرج الحسن بن سفيان في مسنده، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه في تفاسيرهم، والطبراني في معجمه، والعسكري في الأمثال، وابن منده والباوردي وأبو نعيم جميعا في معرفة الصحابة والبيهقي في دلائل النبوة عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: جاء ثعلبة بن حاطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا. قال: ويحك يا [ل1ب] ثعلبة. . .! أما ترضى أن تكون مثلي؟ فلو شئت أن يسير ربي هذه الجبال معي لسارت. قال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا، فوالذي بعثك بالحق إن آتاني الله مالًا لأعطين كل ذي حق حقه. قال: ويحك يا ثعلبة. . .! قليل تطيق شكره خير من كثير لا تطيق شكره. فقال: يا رسول الله، ادع الله تعالى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمَّ ارزقه مالًا. فاتَّجَرَ واشترى غنمًا فبورك له فيها ونمت كما ينمو الدود حتى ضاقت به المدينة فتنحى بها - فكان يشهد الصلاة بالنهار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يشهدها بالليل، ثم نمت كما ينمو الدود فتنحى بها، فكان لا يشهد الصلاة بالنهار ولا بالليل إلا من جمعة إلى جمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نمت كما ينمو الدود فضاق به مكانه فتنحى به، فكان لا يشهد جمعة ولا جنازة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يتلقى الركبان ويسألهم عن الأخبار. وفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنه؟ فأخبروه أنه اشترى غنمًا، وأن المدينة ضاقت به وأخبروه بخبره. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويح ثعلبة بن حاطب. . .! ثم إن الله تعالى أمر رسوله أن يأخذ الصدقات، وأنزل الله تعالى {خذ من أموالهم صدقة} (التوبة: 103) الآية. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين، رجلًا من جهينة ورجلًا من بني سلمة يأخذان الصدقات، فكتب لهما اسنان الابل والغنم كيف يأخذانها على وجهها، وأمرهما أن يمرا على ثعلبة بن حاطب وبرجل من بني سليم، فخرجا فمرا بثعلبة فسألاه الصدقة. فقال: ارياني كتابكما، فنظر فيه فقال: ما هذا إلا جزية، انطلقا حتى تفرغا ثم مرا بي. قال: فانطلقا وسمع بهما السليمي فاستقبلهما بخيار إبله فقالا: إنما عليك دون هذا. فقال: ما كنت أتقرب إلى الله إلا بخير مالي! فقبلاه، فلما فرغا مرا بثعلبة فقال: أرياني كتابكما. فنظر فيه فقال: ما هذا إلا جزية. انطلقا حتى أرى رأيي. فانطلقا حتى قدما المدينة، فلما رآهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قبل أن يكلمهما: ويح ثعلبة بن حاطب. ودعا للسليمي بالبركة، وأنزل الله {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن} الثلاث آيات. قال: فسمع بعض من أقارب ثعلبة فأتى ثعلبة فقال: ويحك يا ثعلبة. . .! أنزل الله فيك كذا وكذا. قال: فقدم ثعلبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذه صدقة مالي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قد منعني أن أقبل منك قال: فجعل يبكي ويحثي التراب على رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا عملك بنفسك أمرتك فلم تطعني، فلم يقبل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى. ثم أتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر اقبل مني صدقتي، فقد عرفت منزلتي من الأنصار. فقال أبو بكر: لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبلها؟! فلم يقبلها أبو بكر، ثم ولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأتاه فقال: يا أبا حفص يا أمير المؤمنين اقبل مني صدقتي. وتوسل إليه بالمهاجرين والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم. فقال عمر: لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر أقبلها أنا؟! فأبى أن يقبلها، ثم ولي عثمان فهلك في خلافة عثمان، وفيه نزلت {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات} (التوبة: 79) قال: وذلك في الصدقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015