إِلَّا إنْسَانا، وَقد قَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن السريّ فِي رسَالَته فِي الِاشْتِقَاق وَهِي أهم مَا وضع فِي هَذَا الفنّ من عُلُوم اللِّسَان: وَمن اشتق العجمي المعرّب من الْعَرَبِيّ كَانَ كمن ادّعى أَن الطير من الْحُوت.
وَقَول السَّائِل: ويشتق مِنْهُ.
فقد لعمري يُجْرَى على هَذَا الضَّرْب المُجْرَى مُجْرَى الْعَرَبِيّ كثيرٌ من الْأَحْكَام الْجَارِيَة على الْعَرَبِيّ، من تصرّف فِيهِ، واشتقاق مِنْهُ، ثمَّ أَورد أَمثلة كاللجام وأَنه مُعرب من لغام، وَقد جُمع على لُجُم ككُتب، وصُغِّر على لُجيْم، وأَتى للْفِعْل مِنْهُ بمصدر وَهُوَ الإلجام، وَقد أَلجمه فَهُوَ مُلْجَم وَغير ذَلِك، ثمَّ قَالَ: وَجُمْلَة الْجَواب أَن الأعجمية لَا تشتق، أَي لَا يحكم عَلَيْهَا أَنَّهَا مُشْتَقَّة، وَإِن اشتق من لَفظهَا، فَإِذا وَافق لفظٌ أَعجميٌّ لفظا عربيًّا فِي حُرُوفه، فَلَا تَرَيَنَّ أَحدَهما مأْخوذًا من الآخر كإسحاق وَيَعْقُوب، فليسا من لفظ أَسحقه الله إسحاقاً، أَي أَبعده، وَلَا من اليعْقُوب اسمِ الطَّائِر، وَكَذَا سَائِر مَا وَقع فِي الأَعجمي مُوَافقا لفظَ العربيّ، انْتهى.
(وَأما المولد)
فَهُوَ مَا أَحدثه المولدون الَّذين لَا يحتجّ بأَلفاظهم، وَالْفرق بَينه وَبَين المَصنوع أَن الْمَصْنُوع يُوردُه صَاحبه على أَنه عَرَبِيّ فصيح، وَهَذَا بِخِلَافِهِ، وَفِي مُخْتَصر الْعين للزُّبيدي أَن المولد من الْكَلَام: المُحْدَث، وَفِي ديوَان الأَدب للفارابي: يُقَال: هَذِه عَرَبِيَّة، وَهَذِه مولدة، كَذَا فِي المزهر، وستأْتي أَمثلته إِن شاءَ الله تَعَالَى.
وَفِيه تَنْبِيه، قَالَ السُّيُوطِيّ فِي المزهر: أول مَا يلْزمه الْإِخْلَاص وَتَصْحِيح النيّة، ثمَّ التَّحَرِّي فِي الأَخذ عَن الثِّقَات، مَعَ