الثّالِثة: أَهْراقَ بأَلِف قَطْعِيّة وهاءٍ ساكِنَة يُهْرِيقُ، بياءٍ بعدَ الرّاءِ عِوَضاً عَن الأَلفِ الثّانِيةِ فِي الماضِي.)
قلت: وَهَذِه الثّلاثةُ قد ذَكَرَهُنَّ الجوهرِيُّ والصاغاني.
الرّابعةُ: هَرَقَ، كمَنَعَ بِنَاء على أصالَةِ الهاءِ. قُلتُ: وَقد نَقَلَها الفَيُّومِيُ فِي المِصباحِ.
والخامِسَةُ: هِيَ الأَصْلُ الَّتِي هِيَ أَراقَ إِراقَةً.
وَقد قالُوا: إِنَّ أَفصحَ هَذِه اللغاتِ هَراقَ.
قلتُ: نقَلَها اللِّحْياني، وقالَ هِيَ لُغَةٌ يَمانِيَةٌ، ثمَّ فَشَتْ فِي مِصْرَ، ثمَّ أَراقَ الَّتِي هِيَ الأَصْلُ.
قلت: وتقَدَّمَ الاخْتِلافُ فِي كَونِ أَراقَ واوياً، كَمَا ذَهَب إِليه ابنُ سِيدَه، أَو يائِياً، كَمَا نُقِلَ عَن الْكسَائي، واقتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحب المِصْباح، ثمَّ أَهْراقَ بإِثْباتِ الأَلِفَيْن، ثمَّ أَهْرَق على أَفْعَل، ثمَّ هَرَقَ كمَنَعَ. قلتُ: ولعَلَّ وجهَ أَفْصَحِيةِ أَهْراقَ بالأَلِفَيْن على أَهْرَق كأَكْرَم أَنَّ فِي الثّاني مُخالَفةَ القِياسِ والشذُوذَ، وَهُوَ الجَمْعُ بَين البَدَل والمُبدَلِ، كَمَا تقَدَّم. ثمَّ قالَ شيخُنا: وَقد أَخْطَأَ المُصَنِّفُ فِي ذكرِه هُنا لأَنَّ موضِعَه روق عِنْد قَوْم أَو ريق عِنْد آخَرين، فالصّوابُ أَنْ يُذكَرَ فِي فصلَ الرّاءِ، وأَمّا الهاءُ فإِنَّما هِيَ بَدَل عَن أَلِفِ التَّعْدِيةِ الَّتِي لَحقَتْ راقَ، فَقَالُوا: أَراقَ، ثمَّ أَبْدَلُوا، فقالُوا هَراقَ، كَمَا فِي المِصْباحِ وغيرِه، وأَمّا غيرُها من اللُّغاتِ الَّتِي الهاءُ فِيهَا بَدَلٌ عَن أَلِفِ التَّعْدِيةِ فَلَا وَجْهَ لذِكْرِه هُنَا بوَجْهٍ من الوُجُوهِ، وَقد وقَعَ الغَلَطُ فِيهِ لأَقْوام من أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، مِنْهُم ثَعْلَبٌ فِي الفصِيحِ فإِنَّه ذَكَرَه فِي بَاب فَعَلَ الثّلاثي بِغَيْر أَلِف، وإِن تَكَلَّفَ بعضُ شُرّاحِه الجَوابَ عَنهُ بأَنَّه صَار فِي صُورَةِ الثُّلاثيِ، أَو غير ذَلِك مِمَّا لَا يَنْهَضُ، ووَقَعَ الغَلَطُ فِيهِ للقَزَّازِ فِي الجامِع، واعتَذَرَ هُوَ عَن ذَلِك بكلامٍ تَرْكُه أَوْلَى من ذكْرِه، وعَلَّلَهُ بأَنَّ الهاءَ