تاج العروس (صفحة 10850)

َ مالِكَ بنَ كومَةَ الشَّيْبَانِيَّ لَقِيَ كُثَيْفَ بنِ عَمْروٍ فِي حُرُوبِهم، وكانَ مَلِكٌ نَحِيفاً قَلِيلَ اللَّحْمِ، وكانَ كُثَيْفٌ ضَخَماً، فَلَمَّا أَرادَ مَالِكٌ أَسْرَ كُثَيْفٌ اقْتَحَمَ كُثَيْفٌ عَنْ فَرَسِهِ لِيَنْزِلَ إِليه مالِكٌ، فأَوْجَرَهُ مالِكٌ السِّنَانَ، وَقَالَ: لتَسْتَأَسِرَنَّ أَوْ لأَقْتُلَنَّكَ، فاسْتَبَقَ هُوَ وعَمْرُو بنُ الزَّبّان، وكِلاَهُمَا أَدْرَكَه، فَقَالا: قَدْ حَكَّمْنَا كُثَيْفاً، يَا كُثَيْفُ، مَنْ أَسَرَكَ فقالَ: لَوْلا مَالِكُ ابنُ كُوَمَةَ كُنْتُ فِي أَهْلِي، فَلَطَمَهُ عَمْرُو بنُ الزَّبَّانِ، فغَضِبَ مَالِكٌ.

وقالَ: تَلْطُم أَسِيرِي، إِنّ فِدَاءَكَ يَا كُثَيْفُ مائةُ بَعِيرٍ، وَقد جَعَلْتُهَا لَكَ بلَطْمَةِ عَمْروٍ وَجْهَكَ، وجَزَّ نَاصِيَتَه وأَطْلَقَهُ، فلَمْ يَزَلْ كُثَيْفٌ يَطْلُبُ عَمْراً باللَّطْمَةِ حَتّى دَلّ عَلَيْهِ رَجُلٌ من غُفَيْلَةَ يُقَالُ لَهُ: خَوْتَعَةُ، وقَدْ نَدَّتْ لَهُمْ إِبِلٌ، فخَرَجَ عَمْروٌ وإِخْوَتُهُ فِي طَلَبِها فأَدْرَكُوها، فذَبَحُوا حُوَاراً فاشْتَوَوْه.

فأَتَوْهُم، أَي كُثَيْفٌ وأَصْحَابُهُ بضعْفِ عِدَادِهم وَقد جَلَسُوا عَلَى الغَدَاءِ وأَمَرَهم إِذا جَلَسُوا مَعَهُمْ على الغَداءِ، أَن يُكَنِّفَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُم رَجُلانِ، فمَرُّوا فيهِمْ مُجْتَازِينَ، فدَعَوْهُمْ فأَجَابُوهُمْ، فجَلَسُوا كَمَا ائْتُمِرُوا، فَلَمَّا حَسَر كُثَيْفٌ عَن وَجْهِهِ العِمَامَةَ عَرَفَه عَمْروٌ، فقَالَ عَمْرُو: يَا كُثَيْفُ، إِنَّ فِي خَدِّي وِقَاءً مِنْ خَدِّك، وَمَا فِي بَكْرِ بنِ وائلٍ خَدٌّ أَكْرَمُ مِنْهُ فَلا تَشُبَّ الحَرْبَ بَيْنَنَا وبَيْنَكَ.

قالَ: كَلاَّ، بَلْ أَقْتُلُكَ وأَقْتُلُ إِخْوَتَكَ، قالَ: فإِنْ كُنْتَ فاعِلاً فأَطْلِقْ هؤلاءِ الَّذِينَ لَمْ يَتَلَبَّسُوا بالحُرُوبِ، فإِنَّ ورَاءَهَمْ طَالِباً أَطْلَبَ مِنِّي يَعْنِي أَباهُمْ فَقَتَلُوهُمْ وجَعَلَ، وَفِي العُبَاب: فَقَتَلُوهُمْ وجَعَلُوا رؤُوسَهم فِي مِخْلاةٍ، وعلَّقَهَا فِي عُنُقِ نَاقَةٍ لَهُمْ يُقَال لَهَا: الدُّهَيْمُ، فجَاءَت النَّاقةُ والزَّبَّانُ جَالِسٌ أَمامَ بَيْتِه، فبَرَكَت. فقالَ: يَا جَارِيَةُ، هذِهِ ناقَةُ عَمْروٍ، وقَدْ أَبْطَأَ هُوَ وإِخْوَتُهُ، فقامَتِ الجارِيَةُ، فجَسَّتِ المِخْلاةَ، فقَالَتْ: قَدْ أَصابَ بَنُوكُ بَيْضَ النَّعامِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015