وبعد هذه الأمثلة من البشارات التي أشرنا إليها، يتضح لنا أن الكتب المقدسة عند الأمم والشعوب قد أشارت إلى النبي الخاتم الذي يبعث وذلك قبل بعثته بقرون كثيرة. قال تعالى: وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) [الشعراء: 196] .
وقد تواترت هذه البشارات والأخبار المبشرة ببعثته صلى الله عليه وسلم بين شعوب الأرض جميعا، ذلك أن رسل الله عليهم السلام قد بشروا أقوامهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فكانت هذه البشارات في الكتب السابقة سببا في إسلام كثير من الناس.
كما أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا ينتظرون مبعث محمد صلى الله عليه وسلم فلما بعث آمن به من آمن من علمائهم وأحبارهم، كعبد الله بن سلام. قال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) [الأحقاف: 10] .
ومن أهل الكتاب من أعرض عن دين الله وعن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم بغيا وحسدا من عند أنفسهم، وأصروا على عداوته وبغضه، فعمدوا إلى النصوص التي تبين صفاته، فحرفوها وبدلوها، وعملوا على إخفاء كثير من النصوص الصحيحة عن عامة الناس.
قال تعالى: تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً [الأنعام: 91] .
وقال تعالى: مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ [النساء: 46] .
وقال تعالى: وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ.
[المائدة: 13] .