وممن أسلم على ذلك أيضا من اليهود كعب الأحبار بعد معرفته بتلك البشارات، وقد سأله عبد الله بن عباس كيف تجد نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة فقال كعب: نجده محمد بن عبد الله، يولد بمكة ويهاجر إلى طابة ويكون ملكه بالشام، وليس بفحاش ولا صخاب بالأسواق، ولا يكافئ بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، أمته الحمادون يحمدون الله في كل سراء وضراء ويكبرون الله على كل نجد، يوضؤون أطرافهم ويأتزرون في أوساطهم، يصفون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم، دويّهم في مساجدهم كدوي النحل، يستمع مناديهم في جو السماء" «1» .
وكان ممن أسلم- أيضا- على هذه البشارات جماعة من أهل الكتاب من نصارى الحبشة، ذكرهم الله- سبحانه- بقوله: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (54) [القصص: 52- 54] .
وقد ورد في الروايات التاريخية أن وفدا من نصارى الحبشة قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوه عن الدين فأجابهم وعرفوا من أوصافه ما في كتبهم فأسلموا فكان ذلك مثار حنق وأذية المشركين لكن هذا الوفد أعرض عنهم كما قال تعالى:
وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (55) [القصص: 55] .