شاء الله سبحانه أن ينقذ البشرية في الحقبة الأخيرة من تاريخها- على حين فترة من الرسل- برسالة خاتمة لجميع الرسالات السابقة صالحة لكل زمان ومكان إلى قيام الساعة، فاختار سبحانه لهذه المهمّة عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم النبي العربي الأمي، وأهله لحمل هذه الرسالة، وجعل له قبل مجيئه وظهوره إلى الدنيا مقدمات وبشارات تنبئ وتبشر بظهوره، وأخذ الله سبحانه الميثاق على جميع الأنبياء بالتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا جاءهم، قال سبحانه: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) [آل عمران: 81] .
قال قتادة: هذا ميثاق أخذه الله على النبيين أن يصدّق بعضهم بعضا، وأن يبلغوا كتاب الله ورسالاته، فبلغت الأنبياء كتاب الله ورسالاته إلى قومهم، وأخذ عليهم- فيما بلغهم رسلهم- أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويصدقوه وينصروه «1» .
وأشار- سبحانه- إلى القرآن العظيم في كتب الأنبياء السابقين كما قال تعالى: وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) [الشعراء: 196] أي: أن ذكر هذا القرآن موجود ومنوّه به في كتب الأنبياء السابقين، وهذا الكتاب هو الرسالة التي حملها النبي الخاتم إلى البشرية.