في ذلك الموقف الحرج للغاية، أراد شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أن يغتال النبي - صلى الله عليه وسلم -! قال شيبة: "قلت: اليوم أُدرك ثأري ... اليوم أقتل محمداً! فأدرت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأقتله، فأقبل شيء حتى تغشى فؤادي، فلم أُطق ذلك، فعلمت أنه ممنوع مني"، وكان أبوه قد قُتل يوم "أُحُد" (1).
أ) كانت غنائم يوم (حُنَين) أربعة وعشرين ألف بعير، وأربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أُقيّة من الفضة، وستة آلاف نسمة من السبي (2)، ولكنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وزع الغنائم وأعاد السبي، ولم يُبْقِ لنفسه شيئاً من المال.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبيت الليالي المتتابعة طاوياً، وأهله لا يجدون عشاء، وكان عامة خبزهم الشعير. وفي يوم من الأيام جاءت فاطمة ابنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه بكسرة خبز، فقال: "ما هذه الكسرة يا فاطمة"؟! قالت: "قرص خبزته فلم تطب نفسي حتى آتيك بهذه الكسرة"، فقال: "أما إنه أول طعام دخل فَمَ أبيك منذ ثلاثة أيام". وقالت عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها -: "ما شبع آل محمد غداء وعشاء من خبز الشعير ثلاثة أيام متتابعات حتى لحق بالله". وخطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "والله ما أمسى في آل محمد صاع من طعام، وإنها لتسعة أبيات"، وما قالها استقلالاً لرزق الله، ولكن أراد أن تتأسى به أمته. وقال ابن عباس: "والله لقد
_______
(1) سيرة ابن هشام (3/ 73).
(2) الرسول القائد (361 - 362).