((إن الزمن نهر قديم يعبر العالم، ويروي في أربع وعشرين ساعة الرقعة التي يعيش فيها كل شعب، والحقل الذي يعمل به، ولكن هذه الساعات التي تصبح تاريخا هنا وهناك، قد تصير عدما إذا مرت فوق رؤوس لا تسمع خريرها)).

إننا إذا قسنا الزمن بمقياس الساعات التائهة، فالقرن لا يساوي شيئا، بل حتى ألف السنة لا تساوي شيئا.

ولعل الطالبة التي صرخت بجنبي تشعر بذلك ولو شعورا غامضا.

أما إذا قدرنا الزمن بمقياس (تايلور) فإن كل دقيقة لها وزنها، الذي يكون معه للسنوات الخمسين التي مرت على الثورة السوفييتية ثقل هذه الدقائق المنتجة، والتي أتاحت لمجتمع معاصر لنا أن ينتقل من عهد (الموجيك) إلى عهد (رواد الفضاء) في برهة من الزمن جد قصيرة.

وحين ترى الشعوب النامية، بصورة من الصور، تجربة تيلورية حية فسوف تدرك أن حتمية التاريخ لا وجود لها، وبعبارة أدق فإن حتمية التاريخ تصبح في قيد الإنسان وتحت رقابته.

فالتاريخ ليس ما تصنعه الصدف ولا مكائد الإستعمار، ولكن ما تصنعه الشعوب ذاتها في أوطانها.

كنت في مقال سابق قد ذكرت حديثا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحذر المسلم فيه من كل استسلام للأمر الواقع، وأنا أكرره هنا دفعا للشك والريبة اللذين ربما ساورا ضمير المسلم.

يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما هي أعمالكم ترد إليكم، كما تكونوا يولّ عليكم» فإذا أصبح ابن (الموجيك) عالم فيزياء يكشف عن آخر أسرار الذرة، أو رائد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015