فإذا أجرينا على تركيبه عملية تحليل، وجدنا فيه عناصر تعود إلى الإستعمار وأخرى تعود إلى القابلية للإستعمار.
لكن إذا تتبعنا العناصر هذه كلها، في نطاق عملها في حياة المجتمع الإسلامي، فسوف نجد أن العناصر الأولى لا تؤثر، ولا تستطيع التأثير، إذا لم تساعدها (القابلية للإستعمار).
وبعبارة أخرى، فالإستعمار وحده لا يستطيع شيئا!
ثانيا: ثم إذا نظرنا في الصراع الفكري من الزاوية الأخلاقية، نراه يحتوي على: دهاء، مكر، خداع، نهم، شراسة، دناءة، سفالة، نجاسة، خبث، خيانة.
وإذا أردنا، بعد ذلك، توزيع هذه العناصر توزيعا منصفا حسب مصدريها، فسنجد الدهاء، والمكر، والخداع، والنهم، والشراسة من نصيب الإستعمار لا ينازعه في هذه الفضائل أحد.
أما قرينته الشمطاء- القابلية للإستعمار- فحصتها الدناءة والسفالة والنجاسة والخبث والخيانة.
والآن، فإذا سمح لي أن أعلق على هذه الحقيقة بشيء من تجربتي الشخصية بصفتي كاتبا، أقول: إنه ما أصابني الإستعمار بأذى يعطل نشاطي، إلا عن طريق هيئة دينية إسلامية، أوسلطة في بلاد عربية.
أما أنت أيها القارئ الكريم فحسبك إذا قرأت في هذا الكتاب (جولة البترول العربي) أن تتذكر موقف بعض الدول في قضية البترول، فعساك ترى الصراع الفكري في أبشع صوره.
باريس 8/ 8/ 1972