الغني يموت جوعا، لأنه لا يحسن التصرف بما آتاه الله من قدرة، بينما هذه القدرة عظيمة جدا في العالم الثالث، شريطة أن يحولها من حيز القوة إلى حيز العمل. ولا يمكن ذلك إلا بتحقيق سائر شروط التحويل، كما تحققت في الإتحاد السوفيتي حوالي سنة 1928، وفي الصين عام 1948.
ولسنا نفترض هنا، بذكر هذين المثالين، إختيارا أيديولوجيا معينا.
فالإقتصاد له قوانينه الذاتية- كما ذكرنا ونكرر- وعلى ضوء ذلك لا يمكن القول إن ثمة (ظاهرة يابانية) من ناحية، و (ظاهرة صينية) من ناحية أخرى، وإنما هنالك (ظاهرة إقتصادية) واحدة تحققت، طبقا لشروط ذاتية، في بلدين تختلف أيديولوجيتهما اختلافا مطلقا.
وللإقتصاد تاريخه أيضاً: فالعصر الصناعي لم يبدأ في ألمانيا في القرن التاسع عشر على أساس شيء يسمى مشروع (مرشال) (?) أو على قاعدة أيديولوجية معينة.
لعله كان (للإستثمار المالي) أثر (كحقنة سيروم تقوي جهازا لازال ضعيفا) في النهضة الصناعية، التي قامت في الإتحاد السوفيتي بعد ثورة 1917، مهما كان في هذا الإحتمال من ضعف بعد أن أعلنت الثورة إلغاء سائر القروض الأجنبية، ولكن الأمر الذي لا جدال فيه هو أن (الإستثمار الإجتماعي) قد حقق ما سماه لينين (الإقتصاد الجديد Nصلى الله عليه وسلمP) ، وهو الذي شيد العملاق السوفيتي.
وإنه الإضطراد نفسه يتكرر اليوم في الصين بسرعة مذهلة.