ولم يكن هذا الأمر دون تأثير على نوع تفكير المؤتمر، وعلى نوع مراكز الإهتمام في تفكيره، كما لم تكن من جراء هذه التبعية لتفقد بعض التبعيات وزنها في اتجاه مداولاته، التي كانت على ذلك، ضربا من مقدمة للحوار المتوقع متابعته في نيودلهي، مع مخاطبه (العالم المصنع) الذي كان حاضرا في الجزائر وإن لم تره الأبصار.
فقد كان الإجتهاد في تهيئة مقررات الحوار المقبل مؤثرا على جدول أعمال، قد تأتي فيه المشكلات على عكس ترتيبها الطبيعي، ترتيبا يأتي معه المهم منها في الرتبة الثانية.
وإذا تصفحنا بدم بارد، الوثيقة التي تركها المؤتمر بين أيدينا باسم ميثاق الجزائر نجد فيها فعلا بعض الثغرات.
لقد كنا في الحقيقة ننتظر بنودا تحدد التزامات كل عضو في الوحدة أو الجهة الإقتصادية المزمع تشييدها، لكننا لم نجد في الوثيقة سوى كراسة المقترحات التي ستقدم بنيودلهي إلى المخاطب الحاضر غير المرئي.
وفي الحقيقة نجد الكراسة هذه تطالب بالكثير، من العالم المصنع، إن لم نقل إنها تطالب بكل شيء، فتطالب مثلا 1% من مدخوله العام لتنمية البلدان النامية.
فمن الناحية الأخلاقية، لعل هذا جائز، ولكن المخاطب لا ينصت لهذا المنطق ولا يتكلم هذه اللغة.
وهكذا انزلقت المداولات في الحديث عن حقوق (العالم الثالث) عوض أن تذكره (بواجباته) نحو نفسه، بينما مأساة الدول النامية كلها انعقدت حول نواة قي نفسها، تخلق فيها عقدة حرمان تحرمها من حرية التفكير أولا ثم من حرية العمل.