ليست من اختصاص العلم، بل من اختصاص القضاء بوصفها جريمة اختلاس. وليس دونما سبب أن تكون صحيفة قد كشفت عن ارتياعها، وحاولت تغطيته بابتسامة، عندما اقترحت في إحدى مقالاتي أن يقدم المختلسون إلى المحاكمة أمام الشعب.
فبكل تأكيد، إن اقتراحي قد صب الرعب على أولئك الذين لهم أسهم في سوق (البلوتيك). ومع ذلك فقد كنت، وأنا أكتب المقالة المذكورة، أتوقع هذا النثر الذي يظهر بغير توقيع، ويأتي عن طريق قنوات مخفية تحت الأرض.
إن هؤلاء الذين يزعمون محبة الشعب، ولا يحبون مع ذلك الشخوص أمام عينيه في محكمته، وكتابهم في يمينهم، قد قالوا في الحقيقة- وهم لا يشعرون- ما تخفي صدورهم.
ولكن فلنمر في طريقنا مر الكرام.
فالبلوتيك إذن لا تحدد بصفتها شيئا له مدلول في عالم المفاهيم، ولكنها ذات تاريخ طويل في بلادنا، وفصلها الأخير له دلالة (?).
على أن الظروف قد تغيرت، ومن بين المشكلات الحادة التي يعرضها على عقولنا هذا التغيير، أن نراجع أفكارنا في السياسة.
وأول سؤال يعرض علينا هو: ماذا نعني بكلمة السياسة؟
لنأخذ الكلمة أولا في معناها المتداول والذي نجده في أي قاموس: هي العمل الذي تقوم به كل جماعة منظمة في صورة دولة. وإنه لتحديد كاف في كل وطن فيه معنى (الدولة) في منتهى الوضوح، إذ تكون وظيفتها محددة بدستور أو بتقاليد عريقة تضبطها، كما هو الأمر في إنجلترا.