وهو حديث صحيح مروي عن عدّة طرق في صحيح مسلم وغيره، وقد استدلّوا به على استحالة وقوع الشرك في جزيرة العرب.

والجواب عن ذلك: بما قاله ابن رجب - رحمه الله -: "أنّ المراد: أنّه يئس أن تجتمع الأمّة كلها على الشرك الأكبر".

وأشار ابن كثير إلى هذا المعنى عند تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} .

وأيضا في الحديث المذكور نسبة اليأس إلى الشيطان مبنيا للفاعل، ولم يقل: "أيِّسَ" بالبناء للمفعول، وإياسه ظنٌّ منه وتخمين لا عن علم، لأنه لا يعلم الغيب، وهذا غيب لا يعلمه إلاّ الله، وظنّه هذا تكذِّبه الأحاديث الثابتة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، والتي أخبر فيها عن وقوع الشرك في هذه الأمّة من بعده، ويكذّبه الواقع، فإنّ كثيرًا من العرب ارتدّوا عن الإسلام بعد وفاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم بأنواعٍ من الردَّة. والله أعلم.

سادسا: ومن شُبههم: تعلقهم بقضية الشفاعة، حيث يقولون: نحن لا نريد من الأولياء والصالحين قضاء الحاجات من دون الله، ولكن نريد منهم أن يشفعوا لنا عند الله، لأنّهم أهل صلاح ومكانة عند الله - سبحانه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015