الحق فيه لا ظن ولا هوى فيدركه القلب ويعلم أن هذا مثل ذلك بالضرورة فينقاد إلى الحق لزوال المانع فالغرض أن الأمثال تضرب تارة لتحقيق المقتضى وتارة لدفع المانع ويكون المقصود بها العلم تصورًا أو تصديقًا ويكون المقصود بها أيضًا اتباع العلم والعمل بموجبه أيضًا وهذا كما أن الملكين لما نزلا على داود فقالا فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ {22} إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ {23} قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ الآية [ص 22 - 24] فلما حكم داود تبيَّن أن هذا مثل مضروب له وعلم حال نفسه ومعلوم أن الأدلة العلمية على قضية كلية يحصل بها التصورات العلمية على هذه القضية لكن هذه لم يكن فيها مانع يخاف أن يعوقه عن معرفة الحق واتباعه فكان التمثيل بما يؤمن فيه المانع محصلاً للمقصود وما نحن فيه من تمثيل المكان وتقديره بالزمان وتقديره هو من هذا الباب فإن مورد النزاع قد حصل فيه للمنازع من الاعتقاد ما قد يصرف عن تصور المطلوب وإلا فالأمران بديهيان فطريان ضروريان في الحقيقة وإذا كان كذلك فنحن نتكلم على ما ضرب من المثل