إذا تبين نظم الدليل فقولهم الباري مباين للعالم لا منازعة فيه وقد ذكروا أن ذلك معلوم بالضرورة في كل موجودين قائمين بأنفسهما ولم ينازعهم في ذلك وقولهم كل مباين لغيره فلابد وأن تكون مباينته بأحد الوجوه الثلاثة قد ذكروا أن ذلك معلوم بالضرورة قالوا ويعلم بالضرورة أن التباين بين الشيئين لا يخلو عن أحد الوجوه الثلاثة التباين بالحقيقة أو بالزمان أو بالمكان وقد سلَّم لهم ذلك ولم ينازعهم فيه فأثبتوا بذلك أن الباري لابد أن يكون مباينًا للعالم بالحقيقة أو الزمان أو المكان وأما القياس الثاني قولهم مباينته ليست بمجرد الحقيقة والزمان وأثبتوا ذلك بأن قالوا المباينة بالحقيقة وبالزمان تكون بين الحال والمحل وبين الحالين في المحل مع أَنَّا نعلم بالضرورة أن بين الباري وبين العالم من التباين ما ليس بين المحل والحالٍِّ فيه وبين الحالِّين في المحل والمحل هو الجوهر والحال فيه هو العرض وإذا كان التباين الذي بينه وبين العالم زائدًا على تباين هذين وهذان متباينان بالحقيقة